الأحد، 14 يوليو 2013

كيف سيغير إيارامندي من شكل ريال مدريد؟





لم يكن مفاجئاً أن يتعاقد ريال مدريد مع إيارامندي
بقدر ما كان مفاجئاً المبلغ المرتفع الذي دفعه فلورنتينو بيريز
للاعب شاب لم يمثل المنتخب الأول , ولم يلعب في دوري أبطال أوروبا
وعلى الرغم من أنّ النادي الملكي تعوّد على صرف مبالغ كبيرة كهذه
تكون أحياناً على شكل صفقات مفاجئة مثل بيبي و فابيو كوينتراو
إلا أن رجلاً إقتصادياً مثل فلورنتينو بيريز لن يدفع مبلغاً كهذا
مالم يتم إقناعه أن إيارامندي يستحق ذلك !

السؤال الأول الذي يجب أن يطرحه أي متابع
هل كان إيارامندي خياراً من ضمن الخيارات
سواءً كان خياراً أساسياً أم خياراً بديلاً عاد الريال إليه بعد رفض البقية
أم أنه كان تقريباً الخيار الوحيد المناسب لإحتياج الريال ؟

علينا أولاً أن نحاول معرفة قيمة لاعب الإرتكاز في الكرة الحديثة
فكلنا بالطبع نسمع عن أهمية خط الوسط وأنه المتحكم في سير المباراة
في الماضي كان ذلك يتم عبر لاعبين عباقرة في صناعة اللعب
مثل كرويف وبلاتيني و زيدان وبالطبع دييجو مارادونا
لكن كرة القدم الحديثة أصبحت بدنية بشكل أكبر
ولم يعد من الممكن على سبيل المثال أن يعبر مارادونا كل تلك المسافة
دون مضايقة أو إعاقة حتى يصل إلى مرمى الإنجليز كما فعل في 86

هذا الضغط الرهيب الذي بات الجميع يمارسه على المنافس
جعل منطقة التفكير والإدارة تنقل لمكان آخر أقل ضغطاً و أكثر حرية
ولذلك نجد أنه خلال السنوات العشر الأخيرة
أصبح أكثر من نصف نجوم خط الوسط في اللعبة
هم عبارة عن لاعبي إرتكاز (محور) سواء كان دفاعياً أم هجومياً

ومع التحول في السنوات الأخيرة من 4-4-2 و3-5-2 بمختلف فروعها
إلى 4-2-3-1 أو 4-3-3 باتت الحاجة ملحة عند كل فريق ناجح
لتكوين خط وسط متناغم ومتنوع المهمات والمواهب
وإذا بحثت في تشكيلة معظم الفرق الناجحة خلال السنوات الأخيرة
تجد أن أحد أهم مفاتيح القوة لديها كان تواجد ثنائي إرتكاز قوي ومتناغم

الفكرة القديمة لثنائي خط الإرتكاز هي أن يكون أحدهما
دفاعياً أكثر بقليل من كونه هجومياً بينما يكون الآخر هجومياً أكثر بقليل من كونه محور دفاعي
لكن ذلك كان هدفه في النهاية توفير الحماية والراحة اللازمة
ليمارس صانع الألعاب دوره الهجومي بالجودة الكافية


الوضع الآن مختلف فأنت بحاجة لـ لاعب خلّاق و موهوب
ليدير خط الوسط من منطقة متأخرة لا يمكن للمنافس
أن يضعه تحت ضغط مشابه لذلك الذي سيضعه عليه لو كان صانع لعب
وهنا ظهرت هذه الفكرة عبر نموذجين رئيسيين

النموذج الأول يكون فيه هذا اللاعب الخلّاق
متمركزاً أمام المحور الدفاعي وخلف صانع اللعب
وربما يكون تشافي هيرنانديز هو المثال الأبرز لهذا النموذج
بينما نجد أن النموذج الثاني يكون فيه اللاعب الخلّاق
محور إرتكاز دفاعي هو أقرب لاعبي خط الوسط إلى دفاع فريقه
وبالطبع فإن بيرلو وتشابي ألونسو وشفاينشتيجر هم أبرز أمثلته
ويطلق على هذا النوع من اللاعبين في الكرة الحديثة
مصطلح Deep Lying Midfielder


في النموذجين يحتاج هذا اللاعب الخلّاق إلى شريك خاص
يكمل معه الثنائية ويعوّض الأدوار التي لا يقوم بها بسبب مركزه
ولنفهم ذلك سأطرح سؤالاً في غاية الأهمية
لماذا لا يلعب شفاينشتيجر و جوندوجان معاً في المنتخب الألماني ؟

بالنسبة للكثيرين لا مجال للمقارنة بين سامي خضيرة وبين جوندوجان
لأن الأخير أفضل بشكل واضح لكنه رغم ذلك
لا يمكنه أن يكون شريكاً ناجحاً لباستيان شفاينشتيجر
والسبب أن تراجع شفايني ولعبه بالقرب من دفاعات فريقه
يخلق فجوة كبيرة بينه وبين زملائه لاعبي الوسط المتقدمين
و هذه الفجوة تحتاج إلى لاعب وسط من طراز مختلف
يتحرك طولياً من منطقة جزاء فريقه إلى منطقة جزاء المنافس
وهو ما يطلق عليه Box to Box Midfielder






بعد ذلك علينا أن نطبق هذه الأفكار على واقع ريال مدريد
فجوزيه مورينيو حين أتى إلى ريال مدريد منذ 3 سنوات
كان سامي خضيرة بالنسبة له أحد أهم وأولى التعاقدات التي أجراها
ذلك لأن تجربة خضيرة في المونديال مع شفاينشتيجر
أوحت إلى مورينيو بأن الفكرة ستنجح مع تشابي ألونسو
الذي لم يقدم في موسمه الأول أداءً مثالياً مع مانويل بيلجريني
والسبب كان أن شريكه في خط الوسط لاسانا ديارا

وطوال فترة مورينيو مع ريال مدريد كان هذا الثنائي
غير قابلٍ للمساس على الرغم من أن مورينيو إشترى بعد ذلك
نوري شاهين و لوكا مودريتش العقلين المدبرين لفريقيهما السابقين في خط الوسط
 لكن مورينيو كان يعلم جيداً أن جودة أداء ألونسو
ستتغير مالم يكن شريكه في خط الوسط مكمّلاً له كما هو الحال مع خضيرة

اليوم مع أنشيلوتي و زيدان تبدأ حقبة جديدة بأفكار جديدة
ففي منتصف الموسم القادم تشابي ألونسو سيكمل عامه الـ32
ومع تبقي موسم واحد في عقده وبالنظر إلى كونه سيبدأ الموسم القادم
وهو لا يزال يتعافى من إصابته التي أبعدته عن كأس القارات
كان من الحكمة أن يفكر ريال مدريد في لاعب جديد أكثر شباباً

الفكرة التقليدية هي أن يبحث الريال عن لاعب بنفس مواصفات ألونسو
وفي سوق اللاعبين هناك جوندوجان و ماركو فيراتي وهما اسمان
ربطتهما الصحافة بريال مدريد منذ نهاية الموسم الماضي
يجمعهما صغر السن والقدرة على لعب أدوار مشابهة لأدوار ألونسو

إذن لماذا ترك ريال مدريد هذان الخياران و اختار التعاقد مع إيارامندي ؟

أحد الإجابات هي أن فريقيهما رفضا فكرة البيع لريال مدريد
لكن توقيت صفقة إيارامندي والمبلغ المرتفع الذي كلفه إنتقاله
يوحي لي بشيء مختلف تماماً




الصيف الماضي ريال مدريد إشترى لوكا مودريتش بمبلغ كبير جداً
ولو سألت أي مشجع مدريدي من هو أكثر لاعب إحتياطي
تعتقد أنه يستحق مكاناً في التشكيلة الأساسية فغالباً سيختار مودريتش

دور مودريتش في توتنهام كان يمثل النموذج الأول
الذي يتكون من إرتكاز دفاعي بحت وصانع لعب ولاعب خلّاق بينهما
وبالنسبة لي كنت أنظر دائماً لمودريتش على أنه ثروة وكنز مدفون
لم يستغله ريال مدريد بالشكل الكافي خلال الموسم الماضي

ولكي تستغل إمكانات مودريتش بشكل كامل
عليك أن تنتقل من نموذج تشابي و خضيرة التقليدي
إلى نموذج جديد يتكون من مودريتش ولاعب إرتكاز بمواصفات خاصة
ولأن مورينيو تمسّك كثيراً بثنائية ألونسو وخضيرة
لم يجد مودريتش مكاناً حقيقياً له في الفريق الأساسي

أنشيلوتي يبدو أكثر قابلية لتغيير هذا المفهوم
وقياساً بعمر ألونسو وضعف أداء خضيرة
فإن التحول إلى نموذج اللاعبّ الخلاق المتقدم
بالنسبة لي هو قرار حكيم لأنه يعطي الفريق صبغة هجومية أكثر
ويعطي ريال مدريد فرصة الإستفادة من لاعب مثل لوكا مودريتش

إذن ما علاقة إيارامندي بدور مودريتش الجديد ؟

في برشلونة تنافس سيرجيو بوسكيتس على مركز لاعب الإرتكاز
مع يايا توريه و خافيير ماسكيرانو و أليكساندر سونغ
لكنه في النهاية كان هو الخيار المفضل لجوارديولا ولفيلانوفا

بوسكيتس ليس لاعباً كثير الحركة مثل محاور الإرتكاز التقليديين
ولا عنيف وقوي بدنياً مثل خافي مارتينيز أو جينارو جاتوزو
بوسكيتس هو ( محور تيكي تاكا ) إن جاز لنا إستخدام هذا المصطلح

في تنظيم الأندية التي تلعب ما يعرف بـ ( تيكي تاكا )
تحتاج إلى لاعب إرتكاز ذكي , يقرأ اللعب ويتوقع مسار الهجمة
ويملك القدرة على توفير خيار تمرير آمن في حال تعذر نقل الكرة للأمام
بالإضافة إلى تغطيته الدفاعية لفريق يلعب كرة قدم هجومية بشكل كبير
وهذا النوع من اللاعبين لا تلاحظ قيمته وأدواره بسهولة
لكنك تعرف أهميته من خلال عدم قدرة مدربيه على الإستغناء عنه




لنعود إلى إيارامندي , هذا الباسكي قدم موسماً جيداً مع ريال سوسيداد
كان فيه أحد  لاعبي إرتكاز تقليديين في طريقة 4-2-3-1
التي استخدما الفرنسي فيليب مونتيير طوال الموسم الماضي
لكن ريال مدريد لم يدفع مبلغ الشرط الجزائي لأجل ذلك

ففي بطولة أوروبا تحت 21 عاماً التي أقيمت على الأراضي الفلسطينية المحتلة
كان إيارامندي أحد أهم أسباب فوز المنتخب الإسباني بذلك اللقب
حين لعب في هذه البطولة كمحور تيكي تا
خلف تياجو ألكانتارا وخلف كوكي لاعب وسط أتلتيكو مدريد
وبالنسبة لكثيرين تابعوا تلك البطولة كان أداء إيارامندي إستثنائياً
وكان سبباً في أن تبلغ إسبانيا المباراة النهائية
دون تلقيها لأي أهداف بسبب تغطيته المميزة أمام لاعبي الدفاع

بوسكيتس و إيارامندي يفهمان التيكي تاكا جيداً
لأن إسبانيا بأكملها إتجهت منذ سنوات نحو ترسيخ هذا النمط من اللعب
عند الجيل الحديث من لاعبي كرة القدم الأسبان
ولذلك يصعب أن تجد خارج إسبانيا لاعبين في هذا المركز
بإمكانهم أن يقوموا بهذه الأدوار الصعبة
ولأن فكرة شراء بوسكيتس من برشلونة ستكون مستحيلة
فإن خيار إيارامندي كان الوحيد أمام ريال مدريد

التحول إلى مثلث خط الوسط المقلوب بتواجد إرتكاز وحيد
ليس إستنساخاً لأسلوب برشلونة
لأن المنتخب الإسباني منذ سنوات يلعب بنفس الفكرة
وبإمكان أنشيلوتي أن يجد في هذا المثلث خيارات متنوعة
كأن يلعب بإيارامندي وألونسو معاً إلى جوار مودريتش
كما هو حال ألونسو وتشافي و بوسكيتس في المنتخب
 كما بإمكانه أن يلعب بإيارامندي مع مودريتش وصانع لعب

ريال مدريد عانى في دوري أبطال أوروبا تحديداً
من أن أسلوبه التقليدي 4-2-3-1 كان ناجحاً في ملعبه
وسبباً رئيسياً في متاعبه حين يلعب بعيداً عن سانتياجو بيرنابو
والسبب أن هذا التنظيم في خط الوسط لا يسمح بتواجد محور ثالث معهما
ولا يسمح بالإستغناء عن أحدهما وتعويضه بلاعب هجومي أكثر

مع هذا التنظيم الجديد في خط الوسط سيمتلك الفريق المرونة اللازمة
للتحول من نمط لعب هجومي إلى نمط لعب أكثر تحفظاً أو العكس
عبر تغيير العناصر والمهام ولكن دون تغيير كبير في أسلوب اللعب

ختاماً . .
تبقى هذه مجرد توقعات وتكهنات إستباقية
لكن الحقيقة لن نكتشفها قبل أن يخوض الفريق مباريات الموسم المقبل
ويبقى إختيار ريال مدريد لإيارامندي منطقياً وفق إحتياجات الفريق
لكن مسألة نجاحه من عدمها مرتبطة باللاعب نفسه
فهو من يتمرّن وهو من يطبق تعليمات مدربه
وهو من باستطاعته أن يرفع من مستواه حتى يكون ملائماً

لحجز مكان أساسي في فريق بحجم ريال مدريد !

هناك 9 تعليقات:

  1. رائع جداااااااااااااااااااا

    ردحذف
  2. عزيزي

    ثلاثية اياراميندي ايسكو مودريتش صعبة جدا

    سيكون لديك فقط دفاعي واحد ، او وقتها تقيد مودريتش من حركيته

    لا تأخذ برشلونة مثال لأنهم يعتمدون اسلوب الضغط

    ردحذف
    الردود
    1. من الممكن تطبيقها عبر لاعبين دفاعيين .. ايارامندي + خضيرة او ألونسو

      بورتو يلعب بالمثلث المقلوب وكذلك اسبانيا
      ليست الطريقة حكراً على برشلونة فقط

      حذف
    2. انا اتكلم عن اياراميندي ايسكو موديتش معا كثلاثي و ليس خطة فيها ثلاثة وسط
      صعبة جدا و لن تظهر قيمة مودريتش العادية

      حذف
    3. مودريتش كان جزءاً من ثلاثي مماثل
      باركر - مودريتش - فان دير فارت

      تقريبا نفس التوزيع اللي تحدثت عنه
      الا اذا كنت ترى أن فان دير فارت يقوم بأدوار دفاعية لا يقوم بها إيسكو

      حذف
    4. كثلاثي مع ايسكو سيتعطي الحرية لإيسكو و لن تظهر قيمة مودريتش التي بالحرية يظهر معدنه الحقيقي

      خصوصا انك بثلاثي اياراميندي ايسكو مودريتش تريد عودة دفاعية بحد ادناه من الإثنين

      بثلاثي الي مع فاندرفات قادر يقوم بأدوار دفاعية ، عالأقل الثلاثي قادر يدافع

      ايارا مودريتش ايسكو ثلاثي سيظهر بقوة ربما ، و لن لن تظهر قيمة مودريتش الحقيقة و لكن قد يظهر الفريق صورة قوية

      عموما الأسلوب العام سيحدد الثلاثي وربما يكون ثنائي حتى

      حذف
  3. تحليلك اقنعني بأن إيراميندي
    هو اللاعب المطلوب في ريال مدريد

    ردحذف
  4. راائع يا نزار .. استمر ،، حمداً لله اني عاصرت عقلية زيك يستفاد منها .

    شكرا ..

    ردحذف
  5. جميل
    الريال لم يكن يملتك الوسط المتنوع
    أكثر من أمتلاكه الوسط المتوازن التقليدي مع المو

    ردحذف