الأحد، 23 مارس 2014

بالخبرة .. فينجر ضيع الدوري !




موسم آخر في حياة الثنائي آرسنال و أرسين فينجر يبدو أنه يسير نحو الفشل و مركز أوروبي تكتفي به جماهير المدفعجية بعد أن كانت على ثقة كبيرة أن هذا الموسم موسم العودة للقب البريمرليج من خلال سيناريو مشابه لما يحصل لآرسنال في المواسم الأخيرة حيث ينهار الفريق مع بداية النصف الثاني للموسم و تكفي الإشارة لأن آرسنال لم يتجاوز دور الـ١٦ من دوري أبطال أوروبا خلال آخر 4 مواسم لتعرف حجم التراجع الذي يصيب الفريق مع بداية كل سنة ميلادية جديدة

هذا الموسم تحديداً قد يكون الأكثر خيبة من بين كل المواسم السابقة و ذلك لأن لقب البريمرليج شهد حدثاً غير اعتيادي من خلال ابتعاد مانشيستر يونايتد البطل التاريخي للمسابقة عن دائرة التنافس على اللقب في حين أن تشيلسي و مانشيستر سيتي يخوضان الموسم بعد إقالة لمدربيهما السابقين وتعيين مدربين جديدين وهو ما يمنح آرسين فينجر ميزة معرفة خفايا وأسرار الملاعب الإنجليزية التي تركها مورينيو منذ ٢٠٠٧ والتي لم يعرفها بيلجريني قبل هذا الموسم

وللأمانة عليك ألا تستهين بالدور الذي تلعبه خبرة وتمرس المدرب في البريمرليج لأنه منذ انطلاق المسابقة بمسماها الجديد لم يُحرز اللقب من قبل مدرب يخوض موسمه الأول مع فريق ما باستثناء جوزيه مورينيو وكارلو أنشيلوتي مع تشيلسي خاصة أن رحيل أليكس فيرجسون الذي كان يقود اليونايتد للألقاب بفضل خبرته قد ترك لفينجر لقب عميد مدربي البريمرليج حيث يدرب الفرنسي النادي اللندني للموسم الـ١٨ على التوالي !

الغريب أن ضياع لقب البريمرليج من آرسنال هذا الموسم تحديداً كان السبب الرئيسي فيه سوء تعامل المدرب الفرنسي مع الفريق ومع البطولة بشكل عام عبر أخطاء متكررة لا تصدر من مدرب خبير وفيما يلي سنستعرض أبرز هذه الأخطاء





المنافسة و قائمة الفريق


بحكم تأهله لدوري أبطال أوروبا فإن آرسنال كالعادة سينافس على الجبهتين الأوروبية والمحلية التي تضم ٣ بطولات ما يعني أن الفريق سينافس على ٤ بطولات وهذا يتطلب تشكيلة قوية جداً  لا تقل عن ٢٠ لاعباً مؤثراً وفي مستوى متقارب تغطي كل المراكز لكنك لو نظرت لقائمة آرسنال لوجدت أن الفريق لا يضم إلا قلب دفاع احتياطي واحد (فيرمالين) وهو أقل بكثير من مستوى الأساسيين (كوسينلي و ميرتساكر) في حين أن مونريال و جينكنسون لا يمكنهما عملياً تعويض غياب جيبس و سانيا ، أما في الوسط فتبدو المشكلة أكبر لأن خيارات الفريق في محور الارتكاز لا تضم إلا أرتيتا و ماثيو فلاميني الذي تركه ميلان لينتقل مجاناً بينما في الهجوم هناك اسم واحد تقريباً وهو الفرنسي أوليفير جيرو والذي لا يمكنه أن يكون أكثر من مجرد مهاجم احتياطي في فريق مثل آرسنال ،  وبالطبع هناك أسماء أخرى مثل فريمبونغ و ديابي في الوسط أو سانوجو و بيندتنر في الهجوم لكنني أتحدث عن خيارات حقيقية وليس عن أسماء تقيد ضمن قائمة الفريق ولا يتم الإعتماد عليها


السؤال كيف خانت آرسين فينجر خبرته في هذا الجانب تحديداً ؟


مدرب مثل فينجر يأتي من تجربة امتدت لـ١٧ موسماً سابقة في البريمرليج يفترض أن يعرف أن المنافسة على كل الألقاب تتطلب خيارات واسعة و متعددة في كل المراكز للفريق

وبحكم أن الفريق أنهى موسم ٢٠١٢-٢٠١٣ بالكاد في المركز الرابع و بفارق يصل إلى ١٦ نقطة عن البطل مانشستر يونايتد فإن أي مدرب خبير يجب أن يدرك أن التحول من فريق في المركز الرابع إلى بطل للبريمرليج يحتاج لأربعة أو خمسة تعاقدات مهمة و مؤثرة لكن فينجر اكتفى بالتوقيع مع مسعود أوزيل من ريال مدريد في حين أن تعاقداته الأخرى كانت كلها هامشية وبلا فائدة حقيقية

على الأقل كان يمكن لفينجر بهذه القائمة أن يركز على البريمرليج بحكم أن الفريق لا يزال بعيد عن مستوى المنافسة على دوري الأبطال لكنه نافس وبقوة على الصعيد الأوروبي ولم يتخلّ عن أحلامه الأوروبية لولا الإصطدام ببايرن ميونخ ، لكن الأكثر سوءاً أن الفريق نافس كذلك على لقبي كأس الرابطة و كأس إنجلترا حيث خرج أمام تشيلسي في كأس الرابطة و بلغ نصف النهائي في كأس إنجلترا 

فينجر كان عليه أن يقرر قبل بداية الموسم إما التعاقدات والمنافسة على كل شيء أو الإكتفاء بالبريمرليج كما فعل ليفربول هذا الموسم أو على أقل تقدير كان بالإمكان تدارك الوضع والقيام بتعاقدات مهمة في يناير خاصة بعدما تبيّن ضعف أوليفير جيرو و عدم وجود لاعب إرتكاز حقيقي يعوّض أرتيتا لكن لا شيء من ذلك حدث وبقي الفريق بلا تدعيم حتى سقط في الأمتار الأخيرة


الإصابات


يمكن لأي فريق في العالم أن يكون سيء الحظ عبر تعرض لاعبيه للإصابات لكن ما يحدث لآرسنال تجاوز مرحلة سوء الحظ

الإصابات و آرسنال صديقان لا يفترقان ولو كان الأمر يحدث لموسم أو موسمين لكان اعتباره سوء حظ لكن تكرار الإصابات في كل موسم يوحي بوجود شيء خاطئ في الفريق

أمام تشيلسي خسر آرسنال بطريقة مذلة في غياب لـ٤ من أصل خماسي خط الوسط المثالي للفريق ( والكوت , رامزي , ويلشير , أوزيل ) فهل كان الأمر مجرد سوء حظ؟

شخصياً أعتقد أن المسألة أكبر من ذلك فما يحدث للاعبي آرسنال بشكل سنوي يدل أن هناك خللاً في تدريبات الفريق أو في حالة اللاعبين اللياقية فإما أن اللاعبين يعانون من هشاشة بدنية تجعلهم عرضة للإصابات أو أن تمارين الفريق تفوق الحد الذي يمكن للاعب الطبيعي تحمله وفي الحالتين يمكن لوم فينجر على هذا الخلل لأن الفرنسي هو مدير للفريق وليس مدرب فني فقط وبالتالي مثل هذه الأخطاء تندرج ضمن مسؤولياته ولو نظرنا لمسعود أوزيل كمثال لوجدنا أنه في آخر ٣ مواسم مع ريال مدريد يلعب في كل موسم ما لا يقل عن ٣٢ مباراة دوري في حين أنه وفقاً لإصابته الحالية قد لا يتجاوز ٢٥ أو ٢٦ مباراة مع آرسنال بسبب الإصابات التي عرفها في آرسنال ولم يكن يعاني منها في مدريد أيضاً لوكاس بودولسكي خاض في ألمانيا 7 مواسم يلعب في كل موسم ما لا يقل عن 22 مباراة دوري بينما هذا الموسم لو لعب كل المباريات المتبقية في البريميرليج فلن يصل لأقل رقم له في ألمانيا وهو ما يضعك أمام حقيقة واضحة وهي أن آرسين فينجر لا يعدّ لاعبيه بدنياً بالقدر الذي تتطلبه المنافسة في دوري قوي بدنياً كالبريمرليج أو أنه يقسو عليهم بتمارين تفوق قدرتهم على التحمل و إن كنت شخصياً أرجح السبب الأول





الدفاع


خلال آخر ١٠ مواسم في البريمرليج ٧ مرات كان بطل البريمرليج أحد الأندية التي تتلقى شباكه أقل من ٣٠ هدفاً خلال الجولات الـ٣٨ ( من ضمنهم ارسنال موسم ٢٠٠٣-٢٠٠٤ حين تلقت شباكه ٢٦ هدفاً طوال الدوري ) وهو ما يعطيك فكرة واضحة عن دور خط الدفاع القوي في تتويج أي فريق بلقب البريمرليج

بالمقابل ستجد أن ارسنال من بعد إحرازه للقب في ٢٠٠٣-٢٠٠٤ خاض ١٠ مواسم - تشمل الموسم الحالي - تلقت شباكه فيها كلها أكثر من ٣٠ هدفاً في كل موسم

دفاع الفريق اللندني و حراسة مرماه تعد واحدة من أهم مسببات حرمان ارسنال من لقب البريمرليج طوال السنوات الماضية لكن فينجر لم يتعامل مع الأمر بجدية ولم يبحث عن حلول حقيقية لتقوية دفاعه و جلب حارس مرمى يليق بارسنال الذي منذ اعتزال ديفيد سيمان و ينز ليمان وهو يبحث عن حارس مرمى حقيقي يشغل الفراغ الذي تركه اعتزالهما 

و رغم  الفارق الكبير بين عناصر ارسنال في الحراسة و الدفاع ما بين الأمس واليوم إلا أن أسلوب لعب الفريق الهجومي يعد السبب الرئيسي لما يحدث لارسنال دفاعياً على الأقل في هذا الموسم

أندية مثل تشيلسي أنشيلوتي و مان سيتي مانشيني كسبت البريمرليج بفضل هجومها القوي لكنها كانت رغم ذلك تلعب بتوازن لا يجعل الفريق دفاعياً لقمة سائغة لمهاجمي الأندية الأخرى بدليل أن تشيلسي ومان سيتي تحديداً صرفا هذا الموسم مبالغ كبيرة لشراء لاعبي وسط ذوي نزعة دفاعية ( فيرناندينيو و ماتيتش ) في حين أن فينجر لا يولي اهتماماً لـ صفقات كهذه

فينجر كان مطالباً بتعلم دروس المواسم الماضية وأن يركز على تقوية الدفاع وأن يضع لنفسه هدفاً رئيسياً بأن لا يصل مجموع الأهداف في شباكه لـ30 هدفاً على سبيل المثال لكن ما حدث أن آرسنال قد وصل للهدف رقم 34 في شباكه رغم تبقي 8 جولات على النهاية !  !





عقلية الفريق


قد يحرز آرسنال لقب كأس الإتحاد الإنجليزي كأول بطولة للفريق منذ ٩ مواسم لكن ذلك لن يجعل موسم آرسنال أفضل من سابقه لأن النقطة السوداء في موسم المدفعجية صنعتها خسائره الكبيرة في البريمرليج , و في ملاعب الأندية المنافسة مانشيستر يونايتد ، مانشيستر سيتي ، ليفربول و تشيلسي تعرض آرسنال للخسارة بفضل عامل مهم وهو افتقاد الفريق للقوة الذهنية التي تتطلبها مثل هذه المباريات



أمام مان يونايتد خسر الفريق بهدف نظيف عن طريق ضربة زاوية تعد نموذجاً لسوء التغطية في الكرات الثابتة وأمام مان سيتي أنهى ارسنال الشوط الأول متأخراً ٢-١ لكنه انهار في الشوط الثاني فخسر ٦-٣ بينما أمام ليفربول لم يحسن ارسنال التعامل مع اندفاع الريدز فتلقى ٤ أهداف في الـ٢٠ دقيقة الأولى وهو ما قاده للخسارة بـ٥ أهداف لهدف في حين أن خسارته أمام تشيلسي كانت بسيناريو مشابه حين تلقت شباك تشيزني ٣ أهداف خلال الربع ساعة الأولى من عمر المباراة 

أضف إلى ذلك أن خسارة تشيلسي المذلة و الخروج أمام بايرن ميونخ كلها أتت بعد حالة طرد كان بالإمكان تلافيها لو كان اللاعبون في مرحلة من الوعي والصلابة الذهنية لتجنب مثل تلك الحالات التي تغير من مجرى أي مباراة

وبالحديث عن مباراة بايرن ميونخ كيف سمح ارسين فينجر لمسعود أوزيل بأن ينفذ ركلة الجزاء أمام حارس مرمى بارع مثل مانويل نوير الذي هو في الأصل زميل سابق لأوزيل في شالكه و زميل حالي له في المنتخب الألماني !

أعلم أن خيار فينجر الأول في تنفيذ ركلات الجزاء هو مايكل أرتيتا ولا مشكلة في أن يكون أوزيل هو الخيار الثاني ولكن أمام أي حارس مرمى غير مانويل نوير  

جزئية بسيطة كهذه يمكن لها أن تغير مسار مباراة بل مسار بطولة بأكملها وفي مستوى تنافس عالي كالذي في دوري ابطال أوروبا يجب ألا تغيب عنك مثل هذه التفاصيل وهو ما يندرج ضمن قدرة الفريق و طاقمه التدريبي على التعامل ذهنياً مع هذه المباريات




الخلاصة

ما نشاهده اليوم من مشاكل عند ارسنال كفريق كرة قدم ليست سوى فروع تنتمي لجذع واحد وهو ارسين فينجر لأن اللاعبين المتواجدين في قائمة الفريق كلهم من اختياره والإعداد البدني الضعيف من اختياره والحالة الذهنية والإنهزامية للفريق في المباريات الكبيرة هي أيضاً نتاج اختياراته ولذلك على مشجعي ارسنال أن يعيدوا ترتيب سلم أولوياتهم فإما الفريق او المدرب لأن تجربة الـ9 مواسم الأخيرة في عمر علاقتهم بمدربهم الفرنسي لا توحي أن مستقبل الفريق مع البطولات يمرّ عبر بوابة ارسين فينجر