الأربعاء، 30 أبريل 2014

دروس مستفادة من مواجهة ريال مدريد وبايرن ميونخ






# قبل عام كامل نجح بايرن ميونخ في إلحاق هزيمة قاسية ببرشلونة قوامها 7 أهداف دون مقابل في مباراتين متوسط إمتلاك الفريق البافاري للكرة فيهما لا يتجاوز 37% لكنه يعود اليوم ليخسر أمام فريق إسباني آخر بنفس الطريقة ولكن بتحوّل البايرن من الفريق الفائز إلى الفريق الخاسر ومن الفريق الأقل استحواذاً إلى الفريق صاحب معدل الاستحواذ المرتفع

# رغم أن التيكي تاكا تعد جزءاً من ثقافة كرة القدم الإسبانية إلا أننا شاهدنا ريال مدريد الفريق الإسباني يلعب مدافعاً بينما كان الفريق الألماني هو من يلعب التيكي تاكا , البايرن يستعرض دون أن يسجل والريال يفوز بذكاء وكأن المعادلة الرياضية قد قلبت حيث أصبح الألماني إسباني الطباع والإسباني ألمانيّ الذكاء

# بغض النظر عن كون الإستحواذ على الكرة أنجح أو اللعب عبر المرتدات فإن لدينا نقطة يجب ألا نتجاوزها وهي أن هذه الأندية العملاقة رغم موروثها الرياضي وقيمتها الكروية إلا أنها لا تمانع في منح مديرها الفني الحرية الكاملة لتطبيع الفريق بأفكاره و جعله يلعب كما يحب حتى ولو كانت أفكاره متعارضة مع موروث النادي وتاريخه الكروي وهو درس لإدارات الأندية في بلداننا العربية التي تتدخل في أدق القرارات التي يتخذها مدرب الفريق

# أمام ريال مدريد خسر بايرن ميونخ بالأربعة رغم أن عشرة لاعبين من أصل الأحد عشر لاعباً الذين بدؤوا المباراة من الفريق البافاري كانوا أساسيين في نهائي دوري أبطال أوروبا الموسم الماضي حين تغلب البايرن على بروسيا دورتموند في ويمبلي ولم يغب من ذلك الفريق إلا خافي مارتينيز الذي كان على مقاعد البدلاء ليلة البارحة وهو ما يجعلك تتساءل كيف يتحول فريق بنفس العناصر من بطل اكتسح أوروبا وحقق كل الألقاب الممكنة إلى فريق يخسر بهذه الطريقة ؟

# نفس السؤال يمكن طرحه حول لوكا مودريتش الذي كان شيئاً مع جوزيه مورينيو وأصبح شيئاً آخر مع كارلو أنشيلوتي , نفس اللاعب مع نفس النادي لكن الأداء مختلف تماماً ما بين موسم وآخر وهنا تظهر قيمة المدرب الذي يجيد توظيف اللاعب وفق ما يناسب قدراته أو فلنقل أن أسلوب لاعب ما قد يكون ملائماً لفكر هذا المدرب ولا يكون ملائماً لأفكار مدرب آخر وهو ما حدث قبل ذلك مع تشافي هيرنانديز الذي كان لاعباً عادياً مع فرانك ريكارد ثم تحول للاعب إستثنائي مع لويس أراجونيس و بيب جوارديولا ولك أن تتخيل كم عدد اللاعبين الذين كانوا سيحظون بمثل هذه النقلة الفنية الكبيرة لو وجدوا المدرب الذي يُحسن توظيف قدراتهم لمصلحة الفريق

# دفاع ريال مدريد لم يكن يوماً بهذه الصلابة رغم أن معظم الأسماء لم تتغير منذ سنوات , أنشيلوتي هو من أحدث الفارق ليؤكد المعلومة التي تقول أن الدفاع تنظيم أكثر من كونه عناصر بدليل ما قام به تشيلسي أمام ليفربول قبل أيام رغم غياب أهم مدافعيه , وباستثناء كارفاخال فإن خط دفاع ريال مدريد الذي لعب 180 دقيقة دون تلقي أي هدف أمام بايرن ميونخ هو نفسه الذي خسر أمام بروسيا دورتموند بالأربعة !

# لمسة أنشيلوتي الإيطالية يمكن ملاحظتها في الفريق ككل وفي الدفاع بشكل أكثر وضوحاً حيث تحول الفريق من حالة العدوانية التي تصيبه كلما حرم من الكرة أمام الأندية التي تلعب التيكي تاكا إلى الهدوء والصبر حيث لم يتحصل الريال إلا على إنذارين ذهاباً وإياباً أمام البايرن مع ارتكاب 17 خطأ في المباراتين مقابل 24 خطأ من قبل البايرن رغم أنه الطرف الأكثر امتلاكاً للكرة , أنشيلوتي زرع في لاعبي الريال العقلية الإيطالية التي كنا نستمتع بها مع مالديني ونيستا وبقية عمالة الدفاع الإيطالي حيث يكون الإعتماد على المهارة في استخلاص الكرة من المنافس أكثر من العنف والإندفاع البدني

# خسارة بيب جوارديولا بخمسة أهداف دون مقابل , تضاف إلى خسارتيه الكبيرتين أمام دورتموند في كأس السوبر و في إياب البوندسليجا لتضع في سجله التدريبي نقطة سوداء وخسارة قياسية ستضل تذكر في سجله التدريبي لكن بيب ليس الوحيد في ذلك فأفضل المدربين في العالم تعرضوا لمثل هذه الخسائر كخماسية برشلونة أمام جوزيه مورينيو وخسارة أليكس فيرجسون بالستة أمام مانشستر سيتي و خسارة يوب هاينكس أمام يورغن كلوب بخمسة أهداف لهدفين في نهائي الكأس و كذلك خسارة أنشيلوتي أمام ديبورتيفو برباعية نظيفة عام 2004 ولذلك يخطئ من يقلل من قيمة مدرب لأجل خسارة أو خسارتين مهما بلغت قسوتها لأن تقييم المدرب بشكل منصف يكون وفق مسيرته أو عبر تجربة كاملة التفاصيل تمتد لأكثر من موسم

# يوب هاينكس الذي حقق الثلاثية التاريخية مع بايرن ميونخ مرّ بموسم أول فاشل خسر فيه البوندسليجا وخسر نهائي دوري الأبطال على ملعبه أليانز أرينا وخسر نهائي كأس ألمانيا بخماسية أمام يورغن كلوب ولذلك يجب على محبيّ الفريق البافاري ألا يبالغوا في القسوة على بيب جوارديولا الذي صعبت مهمته بسبب مقارنة عمله بنجاحات هاينكس فموسم أول ليس دقيقاً في الحكم على أي مدرب

# بيب جوارديولا نفسه كان قد كسر قاعدة صعوبة النجاح منذ الموسم الأول حين فاز بكل الألقاب الممكنة خلال موسمه الأول مع البارسا لكن إنجاز المدرب الكاتلوني كان استثناءً ولذلك حين مرّ بتجربة الموسم الأول مع فريق آخر خسر حتى الآن لقبين من أصل 5 انتهى التنافس عليها مع تبقي لقب الكأس الذي قد يخسره أيضاً لمصلحة يورغن كلوب

# مع برشلونة امتلك جوارديولا ميزتين لم يعد لهما وجود مع البايرن , الأولى أنه استلم فريقاً خسر الكثير خلال آخر موسمين فكانت مهمة تغيير الفريق كعقلية و عناصر أكثر قابلية للتطبيق بعكس حال البايرن الذي تولى تدريبه بعد موسم هو الأنجح في تاريخ النادي فكان تقبل أفكار جوارديولا أكثر صعوبة من قبل اللاعبين بينما الميزة الثانية تكمن في أن أسلوب التيكي تاكا الذي طوره جوارديولا كان غير معروف وأكثر قدرة على مباغتة المنافسين في سنواته الأولى مع البارسا بينما البايرن يحصل اليوم على نسخة متأخرة من التيكي تاكا لدى معظم الأندية الأوروبية الكبيرة القدرة على التعامل معها

# كارلو أنشيلوتي اعترف أنه اتصل بالمدرب الإيطالي المعتزل أريجو ساكي طالباً منه النصيحة لإيجاد طريقة يوقف بها هجوم بايرن ميونخ و بالمناسبة كنت قد شاهدت برنامجاً وثائقياً عن مسيرة زين الدين زيدان بعد الإعتزال وكيف أنه يعمل على تكوين نفسه كمدرب وفي البرنامج استمعت إلى لقاء مع إيمي جاكيه مدرب زيدان و مدرب المنتخب الفرنسي الذي فاز بكأس العالم 1998 وهو يحث زيزو على طلب النصيحة ممن سبقوه في مجال التدريب وأنه إيمي جاكيه بنفسه كان يتصل بمدربين آخرين لطلب النصيحة وهو أمر شائع بين مدربي كرة القدم لكن بعضاً من صحافيي الرياضة العربية يلومون من يقوم بمثل هذا التصرف كما فعلت بعض الأقلام الصحفية حين علمت بأن سامي الجابر اتصل بإيريك جيريتس لطلب نصيحة كروية تتعلق بالفريق الهلالي

# هل يمكن استنساخ طريقة لعب نادٍ ما ليتم تطبيقها على نادٍ آخر ؟ سؤال طرح بداية الموسم وبعد خروج بايرن ميونخ بهذه الطريقة المذلة هل يمكن القول أن عملية الاستنساخ لم تنجح بسبب أن خصائص الفريقين تختلف ولأن الألمان لا يمكن لهم أن يكونوا كالإسبان ؟ بيب جوارديولا آمن بذلك لكن فرانز بيكنباور عارضه وحتى الآن تبدو رؤية القيصر أقرب للصحة لكن مجدداً نقول موسم واحد لا يكفي للحكم !

# منتصف الموسم كتبت تغريدة قلت فيها أنّ اقتراب بايرن ميونخ وباريس سان جيرمان من حسم بطولتيهما المحلية سيساعدهما للمنافسة على دوري أبطال أوروبا لكن ذلك لم يكن وما شاهدناه منهما كان خلاف ذلك تماماً لأن البعد عن لعب المباريات التنافسية الحقيقية يُفقد الفريق الرتم المرتفع الذي تحتاجه مباريات دوري أبطال أوروبا , لأن بايرن ميونخ وصل لنصف النهائي بعد عدة مباريات باهتة في البوندسليجا بينما منافسه ريال مدريد وصل لنصف النهائي بعد فوز مهم على برشلونة في نهائي كأس الملك !

# إصابة كريستيانو رونالدو أتت في وقت حساس لريال مدريد وكان بالإمكان المغامرة به أمام بروسيا دورتموند والفريق يوشك على الخروج من دوري أبطال أوروبا أو المغامرة به أمام برشلونة في نهائي كأس الملك لكن التأني في الدفع به و الإنتظار حتى إكتمال شفائه كان قراراً صائباً من ريال مدريد لأن عودته متعافياً ساهمت في تجاوز الدور نصف النهائي حيث سجل هدفين في الإياب وكانت تمريرته لفابيو كوينتراو مفتاح هدف ريال مدريد الوحيد في مباراة الذهاب بينما لو سألت لاعب كرة القدم عربي كم مرة لعبت رغم إصابتك لربما ذهلت من عدد المباريات التي لعبها مصاباً !

# حكم المباراة البرتغالي بيدرو بروينكا يعلم أن تشابي ألونسو أحد ثلاثة لاعبين داخل الملعب في حال تلقي أي منهم لبطاقة صفراء جديدة سيغيب بالتالي عن المباراة النهائية ورغم تقدم ريال مدريد بثلاثة أهداف دون مقابل و ضمان تأهله إلى النهائي بنسبة كبيرة إلا أن الحكم لم يتردد في منح ألونسو إنذاراً سيغيب لأجله عن النهائي بعد تدخل متهور على أحد لاعبي البايرن دون أن يتأثر الحكم بقيمة ألونسو والتأثير الذي سيحدثه في حال غيابه عن النهائي وهو درس لحكامنا العرب والسعوديين خاصة حيث صرح قبل أيام قليلة أحد الحكام أن رئيس لجنة التحكيم طلب منه أن يتجنب إنذار لاعب معيّن لكي لا يغيب عن المباراة الهامة التي تليها ولكي لا يهاجمه ذلك النادي وصحافته بسبب تغييب لاعبهم المهم عن المباراة المقبلة !




الاثنين، 21 أبريل 2014

برندان رودجرز .. تخلى عن أحلامه ليحقق أحلامهم !





3 مباريات فقط مع فارق نقطي لن يقل عن 3 نقاط عن أقرب منافس هي كل ما يفصل ليفربول عن تحقيق حلمه بالعودة مجدداً للفوز بلقب البريمرليج بعد غياب دام 24 عاماً منذ إحراز الريدز للقبهم الثامن عشر والأخير موسم 1989-1990 فكيف استطاع برندان رودجرز ذو الـ41 عاماً أن يقرّب ليفربول من هذا المجد ؟

علينا في البداية أن نعود بالذاكرة للخلف , إلى لحظة تعيين رودرجز مدرباً لليفربول لنتساءل ما الذي دفع ملاك النادي الأحمر للوثوق به و تمكينه من دفة قيادة نادٍ بحجم وتاريخ ليفربول , وفي الحقيقة فإن الطريقة التي اختير بها رودرجز تشبه إلى حد كبير الطريقة التي اختار بها يوفنتوس مدربه أنطونيو كونتي أو بروسيا دورتموند مع يورغن كلوب أو حتى أتلتيكو مدريد مع دييجو سيميوني , فهذه الأندية تبحث عن مدرب شاب بأفكار جديدة و رغبة كبيرة للفوز وتحقيق المجد وغالباً ما يأتي هؤلاء المدربون من أندية متوسطة حققوا معها نجاحات لا تصل غالباً لمرحلة حصد الألقاب ولكنها نجاحات من حيث نوعية الأداء و تكوين شخصية محددة للفريق الذي يقومون بتدريبه , وهنا تكون مهمة المدرب مع فريقه الجديد محاولة استنساخ نجاحاته ولكن عبر تحقيق الألقاب بفضل امتلاكه لأسماء أفضل و ميزانية تعاقدات أكبر مما قد يحصل عليه مع ناديه السابق , وفي قصة ليفربول تحديداً رودرجز أتى بعد موسم مميز مع سوانزي سيتي في البريمرليج بعد أن صعد معهم من البريمرشيب إلى البريمرليج موسم 2011-2012 حيث أنهى الفريق الويلزي ذلك الموسم في المركز الحادي عشر بعد أن قدّم كرة جميلة كانت تقريباً النسخة البريطانية لـ(تيكي تاكا) بارسا بيب جوارديولا





و رغم أن رودرجز بريطاني الهوية إلا أنه كان إسباني التفكير نظراً لأن فلسفته في كرة القدم كانت فلسفة هجومية وكان امتلاك الكرة معظم الوقت و تدويرها بين لاعبيه هي الركيزة الأساسية التي تقوم عليها طريقة لعبه في محاولة لمحاكاة أسلوب التيكي تاكا الذي نجح من خلاله برشلونة والمنتخب الأسباني في الألفية الجديدة , و لتستدل على جودة تيكي تاكا رودجرز تكفي الإشارة إلى أن لاعبيّ خط وسط سوانزي ليون برايتون و جو ألين كانا قد حققا معدل تمرير صحيح في البريمرليج موسم 2011-2012  يفوق ما وصل إلى تشافي وإنييستا مع برشلونة خلال ذلك الموسم , هذه الأفكار عمل رودجرز على نقلها معه من سوانزي ليُرسخها داخل ليفربول نادياً ولاعبين لكن أحلام رودرجز اصطدمت بالواقع لأن أهداف ليفربول كانت في المنافسة على لقب الدوري أو على أقل تقدير ضمان مركز أوروبي يعيد الفريق لدوري أبطال أوروبا بعد غياب 3 مواسم كاملة لم تتحقق خلال الموسم الأول له في الأنفيلد رود بل أن الفريق عجز حتى عن ضمان مركز مؤهل لـ اليوروباليغ بعد أن احتل المركز السابع نهاية الموسم الماضي





رودرجز عمل على جعل ليفربول فريق يستحوذ على الكرة ويقوم بمبادرات هجومية معظم فترات المباراة عبر نقل نظام المناطق الثمان الذي طبقه في سوانزي لليفربول والذي يقسم الملعب لثمان مناطق لعب يتوزع فيها اللاعبون لأجل خدمة فكرة الاستحواذ على الكرة والمحافظة عليها قدر الإمكان لكن هذه الأفكار الجميلة على الورق اصطدمت بواقع مختلف على أرض الميدان حيث خسر ليفربول مع رودجرز الموسم الماضي أمام أستون فيلا في مباراة امتلك فيها ليفربول الكرة بنسبة 72% وأمام توتنهام بنسبة 64% و أمام ويست برومتش بنتيجة 3-0 رغم حيازة ليفربول للكرة بنسبة وصلت إلى 60% , ومع نهاية ذلك الموسم كان رودجرز على قناعة أن أسلوب امتلاك الكرة لن يصل بليفربول إلى أحلامه و تطلعاته رغم أن كرة القدم تلك هي جزء من فلسفة رودجرز وأحلامه لكن الواقع كان يفرض عليه تغييرها

وقبل أن نتحدث عن التغيير الذي أدخله رودجرز على ليفربول خلال موسمه الثاني يجب أن لا نتجاوز سؤالاً في غاية الأهمية وهو لماذا لم تنجح التيكي تاكا مع ليفربول ؟


إذا ما نظرنا اليوم إلى الفرق والمنتخبات التي نجحت عبر أسلوب التيكي تاكا مثل إسبانيا و برشلونة وبايرن ميونخ هذا الموسم و باريس سان جيرمان رغم أن التيكي تاكا الخاصة بهم ليست واضحة تماماً كالبقية سنجد أن هذه الفرق تضم قائمة لاعبين هي الأفضل تقريباً قياساً بنظرائهم على الأقل على المستوى المحلي حيث لم يكن منافسي البارسا يملكون لاعبين مثل ميسي وتشافي وإنييستا ولا يملك أي نادي ألماني عناصر كعناصر البايرن و هو نفس الحال مع باريس سان جيرمان وبقية الأندية الفرنسية , وفي نظري فإن التيكي تاكا هي طريقة خاصة ومحددة تمثل نوعاً من الرفاهية والتي لا تناسب إلا عدد محدود جداً من الأندية التي لديها وفرة كبيرة من العناصر المميزة والميزانيات الكبيرة وهنا نتحدث عن التيكي تاكا التي تقودك لإحراز الألقاب لأن أندية مثل رايو فايكانو و سوانزي تلعب التيكي تاكا أيضاً لكنها تتخذها كأسلوب للبقاء وتجنب الهبوط وليس للمنافسة على الألقاب وتلك كانت مشكلة ليفربول لأنه عناصرياً لم يكن لائقاً في حينها للإنتقال لمرحلة التيكي تاكا و نظراً لتنافسه في دوري واحد مع تشيلسي ومان سيتي اللذان يصرفان مبالغ طائلة للتعاقدات كل صيف لم يكن باستطاعة ليفربول أن يقوم بشراء عناصر مناسبة لرودجرز لينجح وفقاً لأسلوبه ولم يكن لديه الوقت كذلك ليبني فريقاً جديداً خلال مدة قد تصل إلى 3 أو 4 مواسم لأن المطالبة بالنتائج كانت ملحة ولذلك كان حتماً على رودرجز أن يبحث عن حلّ آخر يتوافق مع إمكانات ليفربول في سوق الإنتقالات ويناسب ما يملكه من عناصر فكيف تغيّر ليفربول هذا الموسم ؟



امتلاك الكرة
 
موسم 2011-2012 لعب رودجرز 38 مباراة بريمرليج ربح فيها نسبة امتلاك الكرة في 33 مباراة وخسرها فقط 5 مرات وأنهى الموسم بمعدل امتلاك للكرة يصل إلى 58% وهو الثالث في البريمرليج ذلك الموسم خلف آرسنال ومانشستر سيتي بينما في الموسم 2012-2013 مع ليفربول ربح فريق برندان رودجرز نسبة امتلاك الكرة في 31 مباراة وخسرها في 7 فقط لينهي الموسم بمعدل استحواذ يصل إلى 57% وليكون الثالث من حيث معدل امتلاك الكرة في البريمرليج مجدداً خلف ارسنال ومانشستر سيتي بينما في الموسم الحالي ليفربول لعب 35 جولة حتى الآن خسر فيها نسبة امتلاك الكرة 11 مرة 8 منها أمام الأندية المنافسة مثل ارسنال ومانشستر سيتي و تشيلسي و إيفرتون ومانشستر يونايتد وليكون معدل امتلاك ليفربول للكرة حتى الآن 54% وهو الأقل لـ برندان رودجرز منذ بدايته كمدرب في البريمرليج




ويظهر هذا الجدول أن ليفربول تحول هذا الموسم من فريق يمتلك الكرة إلى فريق يلعب جيداً أمام المنافسين الكبار كلما كانت نسبة امتلاكه للكرة أقل حيث يجيد اللعب بشكل دفاعي متحفظ ومن ثم يعمل على ضرب منافسيه بواسطة الكرات المرتدة كما ظهر بشكل واضح للغاية أمام ارسنال وإيفرتون على وجه الخصوص


طريقة اللعب

من عيوب تيكي تاكا رودرجز في سوانزي أو في ليفربول أنها تفرض أسلوب لعب واحد للفريق وهو ما يحرم الفريق من المرونة التكتيكية والتنوع الخططي لمواجهة الأندية المختلفة ففي موسم 2011-2012 مع سوانزي لعب رودجرز 37 مباراة بطريقتيّ 4-2-3-1 و 4-1-4-1 القريبتين من بعضهما مقابل مباراة واحدة فقط لعبها بطريقة 3-5-2 ومع ليفربول موسم 2012-2013 لعب رودجرز 36 مباراة عبر طرق 4-3-3 و 4-2-3-1 و 4-4-1-1 مقابل مباراتين فقط بطرق لعب أخرى ما يعني أن ليفربول في 36 مباراة لعب دائماً بمهاجم وحيد و جناحين من حوله على الرغم من توفر خيار اللعب بسواريز وشريك آخر سواء كان بوريني أو ستوريدج الذي وصل منتصف الموسم , لكنك إن قمت بإحصائية مشابهة للموسم الحالي ستجد أن رودجرز لعب حتى الآن بسبع طرق لعب مختلفة في 35 مباراة




وفي قائمة الأندية العشرة الأولى في جدول البريمرليج يعد ليفربول هو الأكثر تنوعاً من حيث طرق اللعب قياسا ً بآرسنال ومان سيتي وتشيلسي التي لا تستخدم أكثر من طريقتين أو ثلاث للموسم بالكامل و يمكن القول أن هذه المرونة والتنوع التكتيكي كانت سبباً في فوز ليفربول على الأقل في مواجهاته المباشرة مع منافسيه على اللقب حيث فاجأ رودجرز ارسنال بتغيير موقع رحيم سترلينج من الجناح لصناعة اللعب وكذلك فعل بتغيير موقع فلانجان و جونسون ظهيري الجنب وفقاً لنوعية أداء جناح الفريق المقابل دون أن نغفل التغيير الأهم لموقع ستيفن جيرارد من الوسط الهجومي لمحور الإرتكاز أو حتى تنقل سواريز و ستوريدج من مركز لمركز وفقاً لظروف المباريات وهي ذات الميزة التي استخدمها أليكس فيرجسون معظم مسيرته التدريبية حيث كان يدخل كل مباراة بما يناسبها من عناصر وتكتيك عوضاً عن اعتماد أسلوب لعب واحد لكل المباريات على الرغم من تفاوت مستوى المنافسين




ستوريدج سواريز

أحد أهم نجاحات رودجرز هذا الموسم تكمن في قدرته على توظيف قلبيّ هجوم هدافين مثل سواريز و ستوريدج اللذان سجلا حتى الآن 50 هدفاً من أصل 96 هدفاً سجلها الفريق في البريمرليج و تكمن براعة رودجرز أنه نجح في اللعب بهما معاً أو بأحدهما دون أن يتأثر الفريق بشكل كبير حيث غاب سواريز للإيقاف بداية الموسم وغاب ستوريدج للإصابة منتصف الموسم فلعب رودرجز بـ ستوريدج لوحده 5 مباريات و لعب بسواريز فقط 11 مرة بينما بدأ بهما منذ البداية في 19 مواجهة , ويمكن القول أن غياب أحدهما كان سبباً رئيسياً في تحول طريقة لعب الفريق حيث لا وجود لمهاجم بديل يعوض غياب أحدهما وتعد الفترة التي لعبا فيها سوياً من أفضل فترات ليفربول حيث لم يخسر في وجودهما معاً إلا في مباراة واحدة كانت أمام ارسنال في ملعب الإمارات , وفيما يلي جدول لمباريات وأهداف سواريز وستوريدج سوياً أو في غياب أحدهما ويظهر أن سواريز يرتفع معدله التهديفي في غياب ستوريدج في حين أن ستوريدج يسجل أكثر كلما لعب إلى جوار لويس سواريز



ستيفن جيرارد

تحوّل ليفربول من طرق لعب مثل 4-2-3-1 و 4-1-4-1 التي أحبّها رودجرز في سوانزي كان أهم أسبابه عدم تواجد جناحين مميزين يمكن الإعتماد عليهما دفاعاً وهجوماً حيث لم ينجح ستيوارت داونينج وأسامة السعيدي في ذلك المركز خلال أول مواسم رودرجز مع ليفربول ولذلك كان التحول لطرق لعب لا تعتمد على أجنحة ضرورياً للفريق خاصة بتواجد قلبي هجوم رائعين مثل سواريز و ستوريدج , هذا التغيير فرغ طرفي الملعب من العناصر الهجومية و لمحاولة تعويض هذا النقص حاول رودرجز أن يمنح ظهيري الجنب حرية هجومية أكبر و هو ما دفعه في الأشهر الأولى من الموسم الجاري لتجربة طرق لعب مثل 3-5-2 التي تهدف لمنح الظهيرين حرية أكبر لكن طريقته لم تنجح بشكل كبير




وفي نظام اللعب بأربعة مدافعين يكون دور محور الإرتكاز ضرورياً لحماية المساحات خلف الأظهرة حيث كان سابقاً يقوم بالتغطية خلف أحدهما ولذلك كانت الفكرة قديماً أن ظهيري الجنب لا يتقدمان في الوقت نفسه بينما في طرق اللعب الحديثة يمكن لهما التقدم في نفس الوقت إذا ما وجد لاعب وسط دفاعي يقوم بالتحول للدفاع ليكون ثالث المدافعين وليسمح لقلبي الدفاع الأساسيين بالخروج أكثر للأطراف لتغطية المساحة خلف الظهيرين , هذه الأدوار التي اشتهر بها بوسكيتس في برشلونة أو تشابي ألونسو في ريال مدريد كانت كبيرة جداً على لاعب مثل لوكاس ليفا و لذلك حوّل رودجرز ستيفن جيرارد من موقعه كلاعب وسط بنزعة هجومية إلى ذلك المركز ولتكون المفاجأة أن جيرارد أبدع في مركزه الجديد بشكل فاجأ الجميع لدرجة جعلتني أتساءل لماذا لم يلعب جيرارد طوال مسيرته في هذا المركز ؟




ستيرلنج

في نظام المناطق الثمان الذي طبقه رودجرز في سوانزي و ليفربول هناك مهاجم واحد يشكلّ رأس المعين الذي تتكون أطرافه الثلاثة المتبقية من ثلاثي الوسط وبتواجد جناحيّ هجوم يوسعان نطاق اللعب في الحالة الهجومية ولأن ليفربول كما ذكرت لا يملك أجنحة مميزة تم استخدام سواريز و ستوريدج أحياناً في ذلك الموقع لكنهما لم ينجحا بشكل كبير , الفكرة البديلة التي حاول رودجرز أن يطبقها أن يضع لاعباً واحداً في العمق في المنطقة 6 ولاعبيّ هجوم في المنطقة 7 ليقلب المثلث الهجومي بالكامل لكن هذا الموقع الذي سيلعب فيه أي أحد خلف سواريز و ستوريدج موقع يتطلب لاعباً بمواصفات خاصة و ذكاء تكتيكي عالي جداً لاستغلال المساحات خلف محاور الفريق المقابل ولأجل ذلك كان من غير المتوقع أن ينجح رحيم ستيرلنج ذو الـ19 عاماً فقط في مركز كهذا , لكن رودرجز جهزه نفسياً و ذهنياً للقيام بهذه المهام فكانت النتيجة تألق غير اعتيادي من الإنجليزي الشاب الذي لعب في هذا الموقع خلال أصعب فترات الموسم و نجح رغم كل تلك الصعوبات وهو ما يبشر بمستقبل كبير لهذا اللاعب الموهوب في هذا المركز تحديداً والذي يبدو أنه يلائمه أكثر من موقعه كلاعب جناح





الهجوم المرتد

أحد أجمل العبارات التي وصفت عمل رودجرز هذا الموسم تلك التي تقول أن رودجرز أيقن أن فريقه لن يكون برشلونة آخر لكنه يقدر على أن يكون بروسيا دورتموند جديد وإذا ما نظرت لإحصائيات البريمرليج ستجد أن ليفربول هو الأكثر تسجيلاً للأهداف من الهجمات المرتدة بواقع 9 أهداف مقابل 4 لأقرب الأندية إليه وهو كذلك الأكثر تسجيلاً للأهداف من كرات ثابتة بـ23 هدفاً والأكثر من حيث معدل إفتكاك الكرة , و إذا ما نظرت إلى هذه الخواص ستجد أنها تقريباً هي أهم ما يميز أداء بروسيا دورتموند وأتلتيكو مدريد وهي الأندية التي تلعب بتحفظ في الخلف ومن ثم تنطلق للأمام عبر الهجمات المرتدة التي تصل للمرمى عبر أقصر الطرق مع إلتزام دفاعي من كل عناصر الفريق و أداء بدني قوي يهدف لتعطيل لعب المنافس والضغط عليه في مناطقه بشكل قتالي للغاية مع فارق مهم وهو أن ليفربول لا يلجأ للعنف كما يفعل أتلتيكو مدريد حيث يعد ليفربول ثاني الأندية من حيث اللعب النظيف خلف كارديف سيتي حيث تلقى 50 بطاقة صفراء و بطاقة حمراء واحدة في حين أن أتلتيكو مدريد وصل إلى البطاقة الصفراء رقم 84 في 34 جولة






الدفاع

من أصل 60 مليون يورو تقريباً صرفها ليفربول الصيف الماضي على تعاقداته هناك 40 مليون يورو على الأقل تم صرفها للتعاقد مع حارس مرمى و لاعبي دفاع فكان الفريق قد عزز صفوفه بـ4 مدافعين جدد توريه , ألوري (تمت إعارته لغرناطة الإسباني) , ساخو و سيسوكو بالإضافة لحارس المرمى سيمون مينيوليه وذلك لتحقيق هدف رئيسي وهو منح الفريق صلابة دفاعية تساعده للوصول إلى المراكز المتقدمة وبغض النظر عن صدارة ليفربول واقترابه من تحقيق لقب البريمرليج إلا أن هذا الهدف لم يتحقق حيث تلقت شباك الفريق حتى الآن 44 هدفاً في 35 جولة بمعدل أكثر من هدف واحد في كل مباراة , ويعد ليفربول ثامن أندية البريمرليج من حيث عدد الأهداف المستقبلة ولك أن تتخيل أن أندية مثل هال سيتي (43) و كريستال بالاس (41) تملك أرقام دفاعية أفضل منه وربما لولا هجوم ليفربول الذي هو الأقوى في البريمرليج لما تصدر الريدز جدول الترتيب و بلا شك ستكون تقوية الدفاع أحد المهام التي ستنتظر رودجرز للموسم القادم وتكفي الإشارة إلى أن رودجرز استخدم 10 لاعبين مختلفين في مراكز الدفاع الأربعة و لعب بـ17 خط دفاع مختلف في 35 مباراة دوري ما بين خطوط دفاع بـ4 لاعبين أو أخرى بـ3 لاعبين وهذا دليل واضح على أن الفريق لم يتوصل بعد للمنظومة الدفاعية المثالية


المستقبل

إذا ما نجح ليفربول في الفوز بالبريمرليج هذا الموسم فإنه سيكون الفريق الأول منذ تغيير مسمى المسابقة بداية موسم 1992-1993 الذي يحرز اللقب وهو قد أنهى الموسم السابق خارج المراكز الثلاثة الأولى و الفريق الأول منذ عام 1985 الذي يفوز بالدوري رغم أنه أنهى الموسم الذي قبله في المركز السابع فما دون منذ أن أحرز جاره إيفرتون لقب دوري 1984-1985 رغم وقوعه في المركز السابع نهاية موسم 1983-1984 , رودجرز كسر القاعدة التي تقول أن المنافسة على لقب البريمرليج تأتي بالتدرج فلا يمكنك الفوز به من أول محاولة حقيقية للفريق و تعد القفزة من المركز السابع إلى الأول إنجازاً عظيماً للمدرب الإيرلندي الشمالي خاصة أنها أتت مع فريق كان طموحه العودة لدوري أبطال أوروبا بعد 4 مواسم من الغياب , ويرى الكثيرون أن رودجرز استفاد كثيراً هذا الموسم من عدم ارتباط الفريق بأي مشاركة أوروبية وخروجه المبكر من بطولات الكأس المحلية حيث لن يتجاوز عدد مباريات ليفربول هذا الموسم 43 مباراة , 38 منها في الدوري و 5 فقط في كأسيّ الرابطة والإتحاد الإنجليزي التي خرج منهما مبكراً , ومن الآن على ليفربول أن يستعد جيداً لموسم قادم سيكون أكثر صعوبة بسبب اللعب في دوري أبطال أوروبا وبلا شك سيتطلب ذلك إجراء تعاقدات مؤثرة لتقوية مناطق الضعف ولتقوية دكة البدلاء , و بالمقارنة مجدداً مع دورتموند و أتلتيكو مدريد سيطالب أنصار الريدز فريقهم بموسم أوروبي ناجح وهو أمر في المتناول خاصة أن طريقة اللعب التي يعتمدها ليفربول بالضغط والهجوم المرتد تنجح كثيراً أمام الأندية الكبيرة وتصل بأصاحبها لمراحل متقدمة من البطولة التي أحرز ليفربول لقبها في خمس مناسبات سابقة .



الخلاصة

إذا ما نجح رودجرز في قيادة ليفربول للقب الدوري فإنه سيكون قد حقق واحدة من أكبر مفاجآت الموسم في أوروبا و واحدة من مفاجآت البريمرليج منذ نظامه الجديد ولا أقلل هنا من ليفربول الذي تربطه علاقة وثيقة بلقب الدوري ولكنني أتحدث وفقاً لظروف الفريق و إمكاناته قياساً بأندية أخرى تتفوق عليه من حيث التمرس على المنافسة و امتلاك لاعبين على مستوى فني أعلى , رودجرز كان بإمكانه أن يكرر سياسته لموسم بعد موسم كما يفعل ارسين فينجر منذ 2004 و لا يمكن لومه حينها لأن أسلوب لعبه المعتمد على التيكي تاكا لم ينجح بسبب عجز ليفربول عن توفير مطالبه من سوق الإنتقالات لكن رودجرز كان حكيماً وقبل بالتغيير رغم أنه منذ بدايته كان يحلم بتكوين فلسفة خاصة به تنطلق من مبدأ كرة القدم الجميلة , ولذلك استحق المدرب الإيرلندي الشمالي أن نقول فعلاً أنه تخلّى عن أحلامه ليحقق لـ محبيّ ليفربول أحلامهم التي تتمثل في الفوز بالبريمرليج !

الاثنين، 7 أبريل 2014

كارلو أنشيلوتي وتشابي ألونسو .. أيهما كلف الآخر ما لا يطيق؟










بعد مباراة الكلاسيكو الأخيرة أجريت بحثاً على مباريات ريال مدريد وبرشلونة خلال المواسم الأخيرة

فوجدت أن فوز برشلونة في سانتياجو بيرنابو بنتيجة 4-3 شهد أكبر قدر ممكن

من التسديدات على مرمى ريال مدريد بواقع 18 تسديدة سواء داخل إطار المرمى أو بالقرب منه

بينما حين خسر ريال مدريد من برشلونة في كامب نو 5-0 تعرض مرماه لـ 15 تسديدة فقط

مقابل 17 تسديدة حين خسر قبل ذلك في سانتياجو بيرنابو 2-6

وهو ما دفعني للبحث عن مسببات هذا العدد الكبير من الفرص والتسديدات للفريق الكاتلوني

رغم أن الغالبية يتفقون أن الفريق الحالي للبلوغرانا أقل مستوى من ذلك

الذي كسب ريال مدريد بالنتيجتين الكبيرتين زمن المدرب الكبير بيب جوارديولا
   










مع كارلو أنشيلوتي ريال مدريد يلعب بـ 4-3-3 التي عادت مجدداً للواجهة خلال المواسم الأخيرة مع فارق رئيسي مهم وهو أن أندية أخرى تعتمد ذات الطريقة مثل برشلونة و باريس سان جيرمان وبايرن ميونخ و روما تعتمد في موقع قلب الهجوم على لاعب 9,5 سواء من حيث الخصائص أو من حيث الأدوار حيث يعتبر ميسي في برشلونة أبرز مثال عالمي على هذا المركز في الوقت الراهن بينما يمكن لفرانشيسكو توتي و زلاتان إبراهيموفيتش أن يلعبا هذا الدور في نادييهما في حين أن بيب جوارديولا لديه ميزة أفضل وهو أنه يملك خيارين مختلفين حيث يمكنه استخدام ماريو ماندزوكيتش كمهاجم حقيقي أو يمكنه الإعتماد على ماريو جوتزه أو توماس مولر كلاعب 9,5 يعوض افتقاد الفريق لصانع لعب حقيقي وليسهل عليك معرفة الفرق بين النموذجين لاحظ الخريطة التوضيحية التالية

 





فهذه الخريطة تظهر أماكن تواجد كريم بنزيما في مباراة ريال مدريد وبرشلونة حيث كان أقرب لمرمى المنافس ولعب معظم فترات المباراة كرأس حربة صريح دون مهام دفاعية كبيرة و واضحة




بينما هذه الخريطة تظهر أماكن تواجد زلاتان إبراهيموفيتش في مباراة باريس سان جيرمان و تشيلسي في دوري أبطال أوروبا حيث كان زلاتان يتواجد بما لا يزيد عن 6% فقط داخل منطقة جزاء المنافس في حين أن معظم تحركاته و أماكن تواجده تكون بالقرب من دائرة المنتصف








وحين نتحدث عن تعويض صانع اللعب فإننا لا نعني الدور الهجومي أو صناعة الأهداف

وإنما الأدوار الدفاعية المفقودة بغيابه لأن وجود لاعب 9,5 في 4-3-3

يعني وجود لاعب هجوم أكثر قدرة على التراجع لممارسة الضغط على لاعب الإرتكاز في الفريق المقابل

كما يفعل صانع اللعب التقليدي في 4-2-3-1 وبالتالي يمنحك لاعب 9,5 ميزة الضغط على المنافس

وتعطيل هجماته في بدايتها فإذا لعبت أمام منافس مثل برشلونة أو بايرن ميونخ

سيكون من الضروري عودة لاعب قلب الهجوم لمضايقة سيرجيو بوسكيتس أو باستيان شفاينشتايجر

أو أي لاعب بأدوار مشابهة لأدوارهما كما أن المهاجم بتراجعه للخلف في الحالة الدفاعية يقوم بتقليص المسافة

بينه كقلب الهجوم و بين آخر لاعبي الوسط ( محور الإرتكاز ) لتقليص الفجوة التي تنشأ في غياب صانع اللعب التقلديدي

ولذلك يمكن القول أن مشكلة ريال مدريد الدفاعية تبدأ من بنزيما رغم أن آثارها لا تظهر إلا في الثلث الأخير
حيث تكون محاولات تشابي ألونسو لتقليص هذه المسافة سبباً في معاناة الدفاع بعد ذلك













في هذه الحالة من مباراة الكلاسيكو الأخيرة جيرارد بيكيه يأخذ موقع سيرجيو بوسكيتس ليحاول القيام بصناعة اللعب من الخلف وتلاحظ أن كريم بنزيما بعيد عنه ولا يقوم بأي ضغط عليه وبالتالي يجد بيكيه ( أو بوسكويتس في حالات مشابهة ) الوقت والمساحة للتقدم بالكرة أكثر وأكثر وهو ما يضطر تشابي ألونسو للتقدم  للأمام للضغط عليه أو على تشافي هيرنانديز متسبباُ في تكوين مسافة كبيرة بينه وبين قلبي الدفاع بيبي و سيرجيو راموس اللذان لا يمكن لهما أن يلعبا بشكل متقدم أكثر مما هما عليه وذلك لتغطية ميسي و نيمار و سنشاهد لاحقاً كيف أن هذه الفجوة كانت سبباُ في خلق برشلونة لكثير من الفرص على مرمى ريال مدريد











في هذه الحالة تتلخص مشكلة ريال مدريد الدفاعية حيث المسافات متباعدة جداً بين المدافعين الأربعة وبالأخص بين راموس وبيبي و تشابي ألونسو حيث يتكون المثلث الدفاعي الذي تقع عليه مسؤولية إيقاف ومنع مرور الكرة إلى لاعب خطير جداً مثل ليونيل ميسي وستلاحظ كذلك أن دفاع ريال مدريد يُجبر في مثل هذه الكرات على التقدم أكثر للأمام لتقليص الفجوة بين وبين تشابي ألونسو وهو ما تسبب في حصول ميسي ونيمار على حالتي انفراد حقيقيتين في شوط المباراة الأول ناهيك عن الحالات الأخرى التي جاءت منها الأهداف بشكل مباشر أو عبر ركلتي الجزاء











تاتا مارتينو في تحضيره المسبق للمباراة لاحظ هذه الفجوة وهذا التقدم الملاحظ من قبل تشابي ألونسو وهو ليس سراً يصعب اكتشافه حيث سبق لي الحديث عنه في مباراة ليفانتي تحديداً وقلت حينها أن هذا الأسلوب الذي يلعب به تشابي ألونسو لن يكون مناسباً أمام منافسين من مستوى أعلى ولأجل ذلك اختار مارتينو نيمار على حساب سانشيز و بيدرو ولعب بطريقة لعب أشبه بـ4-4-2 متخلياً عن عادة برشلونة بوضع جناحين ثابتين وحقيقيين على طرفي الملعب لتوسيع نطاق اللعب
مفضلاً استغلال قدرات نيمار و ميسي للدخول في الدائرة الوهمية التي تتشكل خلف ألونسو وأمام لاعبي الدفاع حيث يعدّ وصول الكرة للاعب غير مراقب في هذا الموقع
بداية هجمة كاتلونية حقيقية على مرمى الفريق الملكي !











وبسبب هذه الوضعية التي وجد الفريق نفسه فيها أثناء المباراة كان دفاع ريال مدريد وبالتحديد بيبي و سيرجيو راموس مضطرين للخروج كثيراً للأمام لتغطية أي لاعب خلف ألونسو و قد نجحوا بالفعل في افتكاك أكثر من كرة وتعطيل أكثر من فرصة برشلونية قبل أن تنشأ لكن هذه الفوضى في خط الدفاع و تقدم قلبي الدفاع باستمرار عن مستوى ظهيري الجنب تسببت في وقوع الفريق في أخطاء في مصيدة التسلل نتج عنها هذه الإنفرادة من ميسي وكذلك فرصة نيمار التي تحولت لركلة جزاء وطرد لسيرجيو راموس في لقطة كانت نقطة تحول في مسار المباراة وربما في مسار الليجا بأكملها




هذا ما يخص الدفاع ولكن هناك سؤال لابد من طرحه

وهو أين لوكا مودريتش و أنخيل دي ماريا في مثل هذه المواقف ؟











إذا نظرت إلى ثلاثي الوسط في باريس سان جيرمان و يوفنتوس وروما وغيرها من الأندية التي تلعب بـ4-3-3 أو 3-5-2 أو أي طريقة أخرى تعتمد على ثلاثي وسط ستجد أن 2 على الأقل من هذا الثلاثي هم لاعبي وسط بميول دفاعية واضحة ففي يوفنتوس هناك بيرلو و فيدال و في باريس سان جيرمان هناك موتا وفيراتي وفي روما هناك دي روسي و ستروتمان , في حين أن برشلونة وبايرن ميونخ يلعبان في الغالب بلاعب واحد ذو ميل دفاعي و 2 أكثر ميلاً للهجوم لكنهما أقل عرضة للضرر الدفاعي بسبب هذه الخيارات نظراً لأنهما محميّان دفاعياً بفضل قدرة الفريق على امتلاك الكرة معظم الوقت وإذا أخذنا باريس سان جيرمان كمثال كونه أقرب الأندية لنموذج 4-3-3 الخاصة بـ ريال مدريد سنجد أن فيراتي , موتا و ماتويدي يلعبون كثلاثي خط وسط بعقلية دفاعية متفاوتة النسب لكنهم يحافظون على نفس التوزيع ونفس المواقع وإن اختلفت العناصر كما يظهر في الصورة التي اخترتها كمثال على هذا العمل التكاملي



بالمقابل في ريال مدريد لوكا مودريتش و أنخيل دي ماريا يعتبران عناصر هجومية قياساً بتشابي ألونسو الذي يحمل لوحده تقريباً الأعباء الدفاعية وقد لا يظهر هذا العيب في تركيبة ريال مدريد العناصرية واضحاً في معظم المباريات لكنه أمام منافسين يحسنون الحفاظ على الكرة مثل برشلونة وبايرن ميونخ يكون قاتلاً و سبباً في معاناة الفريق على الجانب الدفاعي











ففي هذه الحالة تشابي ألونسو يتقدم للأمام لمراقبة فابريجاس لكن لوكا مورديتش وأنخيل دي ماريا لا يلاحظان ذلك وبالتالي يقوم أحدهما بتأمين موقع ألونسو رغم أن مودريتش تحديداً لا يقوم بمراقبة أي لاعب وهنا تظهر قيمة العقلية الدفاعية لـ اللاعب حيث يمكنك أن تتراجع في كرة او اثنتين بناءً على تعليمات مدربك المسبقة أو بسبب صراخه عليك أثناء المباراة لكنك إن لم تكن في الأصل تتمتع بعقلية دفاعية و رؤية دفاعية استباقية تمكنك من قراءة مسار الهجمة قبل انطلاقتها فإنك حتماً ستفوّت مثل هذه الكرات دون أن تنتبه لتحرك زميلك أو للمساحة التي تشكلت وأنت لا تعلم عنها











بالطبع هذا الحال ليس دائماً لأن مودريتش و دي ماريا ليسا بالغيّ السوء ففي هذه الحالة و غيرها نجد أن أحدهما يتراجع لكن هذا الوضع عليه أن يكون دائماً و دون ترك أي مجال للخطأ أو التهاون لأن كرة واحدة تغفل عنها قد تتسبب في فقدانك للمباراة خاصة في دوري أبطال أوروبا حيث يكون هامش الخطأ أقل و يكون تعويض كل هدف أكثر صعوبة فأنت هنا تبحث عن درجة عالية من الدقة والإنضباطية في الأداء وهو ما يتطلبه اللعب لنادي مثل ريال مدريد وهو ما يتطلبه أيضاً اللعب على مستوى عالي جداً في مباريات كـ الكلاسيكو أو دوري أبطال أوروبا في مراحله الأخيرة










هدف إنييستا الأول نموذج لما أتحدث عنه حيث تسبب خروج ألونسو للطرف لمراقبة فابريجاس في خلق مساحة أمام المدافعين لم يتفطّن لها مودريتش إلا متأخراً وفي مساحة كهذه وأمام لاعب مثل ميسي يكون الثمن غالياً حيث نجح الأرجنتيني استلام الكرة في مساحة فارغة ومن ثم نجح في تمرير الكرة تجاه إنييستا غير المراقب ليسجل منها الهدف الأول وهو أمر كان يمكن تلافيه لو أن خروج ألونسو للطرف يُقابل دائماً بتغطية من لاعب وسط آخر لاسيما وأن فابريجاس و إنييستا عملا كثيراً على سحب ألونسو بعيداً عن موقعه أمام قلبي الدفاع لاستغلال مثل هذه الثغرات بالشكل المناسب











وعلى الجانب الأيسر تحديداً حيث لا يتراجع رونالدو بالشكل الكافي كما يفعل جاريث بيل على الجانب الأيمن يكون تشابي ألونسو مجبراً على الخروج من موقعه لتغطية تشافي أو فابريجاس اللذان تناوبا طوال المباراة على الخروج من عمق الملعب إلى المساحة الواقعة خلف رونالدو وأمام مارسيلو لإخراج تشابي ألونسو من موقعه و تفريغ المساحة لـ ميسي أو نيمار أو إنييستا وهو أمر يمكن تلافيه لو أن رونالدو يقوم بالتراجع لتقليص المسافة بينه وبين مارسيلو أو لو أن دي ماريا هو من يتحمل مسؤولية مطاردة تشافي أو فابريجاس و رغم ذلك كان خيار مراقبة ألونسو لأحدهما سيكون خيار أقلّ ضرراً لو أن دي ماريا و مودريتش سيقومان بتأمين موقعه لاسيما وأن هجوم برشلونة يبدأ من الجناح حيث يمكن للريال أن يميل بعدد كبير من لاعبيه في جهة انطلاق الهجمة !











أمام ريال سوسيداد ظهرت الفكرة ولكن بوجه آخر فليس كل فريق يملك ليونيل ميسي

ولأجل ذلك تخلى الباسكيون عن طريقة 4-2-3-1 التي لعبوا بها في 29 مباراة

من أصل 31 مباراة سبقت مواجهة ريال مدريد واعتمدوا على 4-4-2

رأسي الحربة فيها هما كارلوس فيلا و أنطوني جريزمان والهدف مجدداً تثبت راموس وبيبي في الخلف

واللعب على استغلال المساحات التي سـ تتشكل أمام قلبي الدفاع و خلف تشابي ألونسو

حيث ستلاحظ في اللقطة أن تقدم تشابي ألونسو المبالغ فيه

يُستغل لشن هجوم مرتد عبر مساحة واسعة تفصل خط الدفاع عن الوسط











بينما في هذه الحالة يجبر أحد لاعبي الوسط تشابي ألونسو على ملاحقته للطرف حيث يتحرك المنافس في ظهر كارفاخال مجبراً ألونسو على ملاحقته والهدف مجدداً إخراج ألونسو من موقعه و فتح مساحة واسعة أمام المدافعين يمكن لـ جريزمان أو فيلا استلام الكرة فيها ومن ثم شنّ هجوم على مرمى ريال مدريد


الفكرة موجودة لكن التطبيق لم يكن مثالياً من ريال سوسيداد ولذك خرج ريال مدريد بشباك نظيفة لكنه لن يضمن مجدداً سلامة شباكه لو لعب أمام منافسين أكثر قدرة على تهديد مرماه و تكمن مشكلة ريال مدريد الآن في أنّ المباريات الهامة التي تنتظره سواء أمام برشلونة في نهائي كأس الملك أو أمام منافسين مثل بايرن ميونخ وباريس سان جيرمان في دوري أبطال أوروبا ستكون أمام أندية لديها القدرة على اللعب بلاعب 9,5 مميز أو بلاعبي قلب هجوم ( مثل أتلتيكو مدريد) يستخدمهما لتثبيت المدافعين كما فعل ريال  سوسيداد و لـ يسبب ذلك صداعاً لدفاع الفريق في المرحلة القادمة








بعد كلّ هذا .. إذا كنت تعتقد أن الدائرة الوهمية خلف ألونسو وأمام بيبي وراموس ليست مشكلة كبيرة فعليك أن تعلم أنه من أصل 10 فرصة تسجيل صنعها لاعبو برشلونة أمام ريال مدريد من لعب مفتوح هناك 9 فرص إما وصلت للاعب غير مراقب أو انطلقت من هذه الدائرة التي نتحدث عنها وهو ما يعطيك فكرة أن الحلّ الأول لضرب دفاع ريال مدريد يكمن في استغلال ضعف عمقه وليس عبر الأطراف


 

السؤال الذي يجب عليك أن تطرحه الآن .. 

كيف يتعامل ريال مدريد مع هذه المشكلة ؟


 

يصعب على ريال مدريد أن يتخلى عن فكرة الضغط العالي لأن هذا الأسلوب أثبت نجاحه سواء أمام أتلتيكو مدريد أو أمام برشلونة سابقاً مع مورينيو وهو الحل الأمثل لمواجهة الأندية ذات الاستحواذ العالي مثل بايرن وبرشلونة و باريس سان جيرمان وهي الأندية الـ 3 الأكثر استحواذاً هذا الموسم في دوري أبطال أوروبا











ووفقاً لذلك فإن أفضل ما يمكن لأنشيلوتي القيام به في هذه الظروف أن يقوم بإرجاع كريم بنزيما للخلف ليلعب في موقع متأخر أشبه بلاعب 9,5 ليتولى الضغط على لاعب ارتكاز الفريق المقابل وليحرر تشابي ألونسو من دوره كلاعب وسط مطالب بالضغط لمناطق متقدمة جداً وبالتالي يكون ألونسو أكثر قرباً من قلبي الدفاع بصورة دائمة وفي حال لم يكن كريم بنزيما لائقاً لمثل هذه المهام فإن كارلو أنشيلوتي مطالب بإيجاد حل بديل عبر إيسكو الذي جربه في هذا الموقع أمام أتلتيكو مدريد في إياب الكأس أو عبر كريستيانو رونالدو أو حتى أنخيل دي ماريا بالإضافة لذلك يمكن لـ أنشيلوتي أن يفكر في استبدال أحد الثنائي مودريتش و دي ماريا بـ الإسباني الشاب إيارامندي كونه يتمتع بقدرات دفاعية بدنية و ذهنية تفوق الكرواتي والأرجنتيني لتعويض غياب سامي خضيرة الذي كان من الممكن أن يكون ذو فائدة كبيرة في هكذا مواقف لما يتمتع به من قدرات دفاعية عالية ناهيك عن البحث عن حلول لتغطية المساحات التي يتركها تشابي ألونسو والذي تعود طوال مسيرته الكروية أن يلعب إلى جوار ارتكاز دفاعي آخر مثل ماسكيرانو أو سامي خضيرة وبالتالي يجد باستمرار من يؤمن موقعه الدفاعي





ختاماً ..







قد يكون كارلو أنشيلوتي مخطئاً باعتماده على تشابي ألونسو وحيداً كلاعب وسط دفاعي يقطع كل تلك المسافات وهو بعمر الـ32 لكن خطأ أنشيلوتي الأكبر أنه لم يفكر في استقطاب لاعب هجوم يمكنه أن يقوم بواجبات دفاعية أكثر فائدة مما يقوم به كريم بنزيما


فهل كلّف أنشيلوتي تشابي ألونسو ما لا يُطيق حين حمّله لوحده العبء الدفاعي أم أن سوء أداء ألونسو سيكلّف أنشيلوتي خسارة الليجا التي كانت قريبة منه للغاية ؟