السبت، 2 نوفمبر 2013

قراءة فنية لأبرز الحالات في مباراة الهلال والشباب



كانت مباراة الهلال والشباب لحساب الجولة الثامنة
من دوري عبداللطيف جميل السعودي لكرة القدم
حدثاً هاماً ومنعطفاً كبيراً في مسيرة الفريقين الساعيين
للظفر بنقاط المباراة الثلاث ومواصلة السعي لتحقيق لقب الدوري
وبما أن الفريقين ينتهجان نفس طريقة اللعب 4-5-1
كانت التفاصيل الدقيقة داخل طريقة لعب كلا الفريقين
هي الفيصل وهي نقطة التحول بالنسبة لمصير المباراة
وبما أنّ الهلال كسب المباراة مستوى ونتيجة
فإنني سأفرده بالحديث في هذا المقال من خلال عشر صور
تمثل الحالات الأبرز ( تكتيكياً ) في فريق سامي الجابر






تعتبر طريق لعب 4-5-1 من أكثر طرق اللعب الحديثة إنتشاراً
بسبب ما تتمتع به من قدرة على التنوّع والتحول من الشكل الهجومي إلى الدفاعي أو العكس
فهي أشبه بقالب عام يمكن من خلاله أن تتفرع لأكثر من طريقة لعب مختلفة
وهو ما يمكن أن نلاحظه في هلال سامي الجابر
الذي يلعب تارة بـ 4-2-3-1 تتميز بالأدوار الهجومية لجناحيّ الفريق
وتارة أخرى بـ 4-3-3 يتراجع فيها تياجو نيفيز لصناعة اللعب من مناطق متأخرة

ولكن ما شاهدناه في هذه المباراة كان أقرب لتشكيل 4-4-1-1
وهو ما يمكن التعبير عنه بالصورة الأولى والتي يظهر فيها جناحي الهجوم
سالم الدوسري ونواف العابد في نفس الخط تقريباً
مع لاعبي محور الإرتكاز عادل هرماش و سيجوندو كاستيّو

هذا التشكيل كان يهدف لمساندة ظهيري الجنب عبر تراجع الأجنحة
كما أنه كان يترك لتياجو نيفيز وناصر الشمراني حرية اللعب في منطقة متقدمة
وهو ما يقودنا للحالة الثانية من خلال هذه الصورة






وهنا نلاحظ أن ناصر الشمراني وتياجو نيفيز
يقومان بمضايقة لاعبي الشباب في ثلث الملعب الدفاعي الخاص بهم
ونظراً لتفوق الشباب عددياً في هذه المنطقة
فإن فرصة افتكاك الكرة تبدو ضعيفة نوعاً ما
ولذلك فإن الهدف الرئيسي لهذا التمركز لناصر ونيفيز
لم يكن قطع الكرة بقدر ما كان حرمان لاعبي الشباب
من خيار تمرير الكرة إلى عبدالملك الخيبري أو فيرناندو مينيجازو
محوريّ إرتكاز الشباب واللذان تنطلق من خلالهما
هجمات الفريق الشبابي سواء باتجاه ظهيري الجنب أو لاعبي الوسط الهجومي
وفي هذه الحالة لا يكون للاعبي الشباب خيارات متعددة للتمرير
ولذلك تبقى الكرة بين لاعبي الدفاع على أمل الحصول على ثغرة للتمرير





في هذه الحالة الكرة لا تزال بحوزة مدافعي الشباب ولكن على طرف الملعب
وهنا نلاحظ كيف أن لاعبي وسط وهجوم الهلال
يقومون بالميلان تجاه الكرة لتشكيل حاجز دفاعي مبكر أمام محاور الشباب
لحرمان المدافعين من نقل الكرة إلى وسط الملعب الهلالي

في هذا الموقف لا يكون للاعب الشباب إلا خيار إرجاع الكرة لمدافع آخر
أو نقلها للجانب الآخر عبر كرة مرتفعة من الظهير إلى الظهير
أو تمرير كرة طويلة باتجاه المهاجمين وفي كل هذه الحالات
تكون فرصة تشكيل خطورة على مرمى الهلال ضعيفة جداً
بسبب عجز الفريق عن الخروج بالكرة بشكل صحيح من هذا الحصار الهلالي
والذي يهدف لإبقاء الكرة وهي بحوزة الفريق الشبابي على الأطراف
ومنع أي محاولة للدخول إلى عمق الملعب

السؤال المهم . .
لماذا يهتم الهلال كثيراً بعدم دخول الكرة لعمق ملعبه ؟






حتى قبل مباراة الهلال والشباب كان الفريق الشبابي
قد سجل 14 هدفاً من بينها 5 أهداف بالرأس ( 35% من مجموع الأهداف)
وهذه الأهداف الخمسة 3 منها كانت لنايف هزازي مهاجم الفريق

ولأن دفاع الهلال وحارس مرماه يعدان أبرز نقاط ضعفه
فإن كل كرة عرضية تجاه نايف هزازي يمكن لها أن تشكل فرصة للتسجيل
وبالتالي فإن الهلال ليكون بمأمن من هذا الخطر
عليه أن يمنع الشباب من أي فرصة للعب كرات عرضية تجاه مهاجميه

في الصورة السابقة نجد أن نواف العابد
في موقف عليه أن يختار فيه الضغط على حامل الكرة ومنعها من الدخول للعمق
أو أن يراقب تحرك حسن معاذ الذي يحاول الانطلاق للأمام
 لكنه يختار الضغط على حامل الكرة حتى ولو تسبب ذلك
في تحرير حسن معاذ من رقابته
لأن الهدف الأساسي كان منع الكرة من الوصول لعمق الملعب بأي شكل من الأشكال


تلك كانت حالة فردية لنواف العابد ولكن كيف يكون الضغط الجماعي  ؟






الهلال اتخذ أسلوبي ضغط مختلفين حسب موقع الكرة
الأسلوب الأول مكثف ويهدف لتضييق المساحات
وهو ما يظهر في هذه الحالة وفي غيرها من الحالات أثناء المباراة
حيث كان لاعبو الهلال في نصف الملعب الخاص بالفريق الشبابي يختارون الضغط على حامل الكرة
وإغلاق منافذ التمرير الموجودة في عمق الملعب
لأن وصول الكرة إلى لاعبي خط وسط الشباب (فيرناندو أو توريس) يمنحهم القدرة
على نقلها لجناحي الهجوم سعيد الدوسري و رافينيا
أو حتى لظهيري الجنب حسن معاذ وعبدالله الأسطا المنطلقين من الخلف
وهو ما سيؤدي للعب كرات عالية تجاه نايف هزازي
ويمكن إكتشاف مدى فاعلية هذا النهج الذي طبقه سامي الجابر
من خلال العودة للمباراة وملاحظة عدد الكرات التي لعبت تجاه هزازي
حتى أن هدف الشباب الوحيد أتى من عمق الملعب
ولم يأتِ من كرة جانبية سواء كانت عالية أو أرضية

كان ذلك هو تعامل الهلال مع الكرة في نصف ملعب الشباب
ولكن كيف كان يدافع حين كانت هجمات الشباب تقترب من مرماه ؟






هذا السؤال يقودنا لمعرفة الأسلوب الثاني من الضغط
الذي كان يمارسه الهلال في نصف الملعب الهلالي
و مجدداً .. الفكرة العامة تقتضي منع الكرة والمنافس من الدخول للعمق
وهنا يظهر كيف أن ثلاثة من لاعبي وسط الهلال
يقومون بإقفال مسار الكرة تجاه عمق الملعب وهو ما يجعل توريس وغيره من لاعبي وسط الشباب
معرضين لفقدان الكرة في حالة محاولة المرور بها عبر هذا الحائط البشري
وهو ما تسبب في خسارة الشباب لكثير من مثل هذه الكرات
سواء عبر افتكاكها مباشرة من لاعبي وسط الهلال
او عبر اتخاذ لاعبي الشباب لقرارات خاطئة في التمرير
السبب الرئيسي فيها هي حالة التمركز الجيدة جداً لخط الوسط الهلالي







أحد أكبر مشاكل الهلال في الجولات الماضية
كانت الفجوة الدفاعية أمام لاعبي الدفاع ( قلوب الدفاع )
بسبب الأدوار الهجومية لعادل هرماش وضعف رقابة كاستيو للمنافسين
ومن يتذكر جيداً هدف برونو سيزار لاعب الأهلى في مرمى الهلال
سيتذكر كيف كان هرماش وكاستيو متسببين فيه بشكل مباشر
بسبب تقدم الأول وضعف رقابة وتباعد المسافة بينهما

في الصورة نجد أن هرماش و كاستيو
يلعبان بشكل متوازي ومتقارب وعلى مسافة واحدة تقريباً من قلبيّ الدفاع
كما يظهر أن سالم الدوسري يتراجع ليكون معهما على نفس الخط
وهو ما يقوم به أيضاً نواف العابد ولكن دون أن يظهر في الصورة
وهو ما يظهر حجم الإلتزام الدفاعي الذي تحلى به جميع لاعبي الفريق
والذي كان سبباً في إبطال هجمات الشباب
بسبب تكوين خطيّ دفاع أمام المرمى يتكون كل منهما من 4 لاعبين






وبالحديث عن هرماش وكاستيو
كانت الثغرة بين عبدالله الزوري وماجد المرشدي
أو اللعب في ظهر عبدالله الزوري هي واحدة من عيوب الهلال الدفاعية
ومن خلالها تقريباً سجل الإتحاد هدفيه في مرمى عبدالله السديري

وصحيح أن المرشدي والزوري تم استبدالهما بالفرج والمسلم
ولكن تغيير الأسماء لا يغير وحده من نقطة ضعفك
فلا بد من مساندة لاعبي الوسط وحسن تغطيتهم لهذه الثغرات
لأن الدفاع منظومة قبل أن يكون أسماء أو إمكانات

في الصورة نلاحظ أن الكرة لعبت خلف سلمان الفرج
ولكن عوضاً أن يقوم يحيى المسلم لوحده بتغطية هذا الفراغ كما كان يفعل المرشدي
نجد أن محور الإرتكاز عادل هرماش ولاعب الجناح نواف العابد
يقومان بنفس الواجب الدفاعي لسد هذه الثغرة

وبالمناسبة فإن كاستيو وهرماش يلعبان هجومياً بشكل رأسي
ولكنهما حين يلعبان في الدفاع يلعبان بشكل أفقي
وفي هذه الحالة يميل هرماش أكثر لليمين ويبقى كاستيو على اليسار
ما يعني أن التغطية خلف الظهير الأيسر في الأصل هي مهمة كاستيو
لكن هرماش كان في هذه المباراة يتنقل من جانب لآخر للتغطية
وشاهدناه يقوم بأكثر من إنزلاقة ناجحة على يمين ملعب الهلال
بينما لم يكن غائباً عن مثل هذه الكرات على اليسار
حتى وهي أقرب لمنطقة تواجد سيجوندو كاستيو !



حديثنا السابق كله تقريباً عن الدفاع . . ولكن ماذا عن هجوم الهلال ؟







الطابع الشامل لهجمات الهلال هي سرعة الإرتداد
مع استغلال واضح لأخطاء الشباب التي كان يُجبر على ارتكابها
في ظل الضغط الهلالي الرهيب على مفاتيح لعب الفريق الشبابي

لن نتحدث عن الأخطاء الشبابية ولكن سنتحدث عن المرتدات
ففي الصورة هجمة هلالية مرتدة يقودها ناصر الشمراني
ونلاحظ كيف أن نواف العابد وسالم الدوسري ينطلقان سريعاً
لفتح طرفي الملعب ولتأمين خيار تمرير على الأطراف

العابد والدوسري على الرغم مما كلفا به من أعباء دفاعية
إلا أن إسهاماتهما الهجومية كانت واضحة و مؤثرة
ولو كانت هناك إحصائية لأكثر اللاعبين جرياً في المباراة
لبصمت بالعشرة أن هذا الثنائي قد ركض كما لم يركض غيرهما
ولهذا في نظري أنهما نجميّ المباراة دون تفضيل لأحدهما على الآخر






بالمقابل ناصر الشمراني و تياجو نيفيز
كانا يقودان الهجمات الهلالية بفضل تواجدهما في منطقة متقدمة
ولما يمتلكانه من قدرة على الاحتفاظ بالكرة
وحمايتها من ضغط المنافس حتى وصول لاعب زميل منطلق من الخلف

وفي بعض الحالات كما في الهدف الثاني
كان تواجد ناصر ونيفيز كافياً لتسجيل هدف هلالي
بينما في حالات أخرى كما في الهدف الأول أو الرابع
كانت مساهمة سالم الدوسري ونواف العابد سبباً رئيسياً لتسجيل الهدف

الشمراني ونيفيز كانا يتمركزان مع كل هجمة شبابيه
في المناطق التي يتركها معاذ والأسطا كما يظهر في الصورة السابقة
وهو ما يمنحهما الفرصة لاستلام أي كرة بعد ذلك
في مساحة خالية من الرقابة والضغط
وهو ما كان سبباً في جعل مدرب الشباب يقوم بتغيير حسن معاذ
لأول مرة منذ انطلاق الموسم والسبب بالتأكيد منع نيفيز من التمتع بهذه الحرية
وهو ما حرم الشباب من أحد أهم أوراقه الهجومية المؤثرة


خلاصة القول . .

من السهل القول أن الهلال كسب مباراته لأن الشباب كان سيئاً
لكن الحقيقة هي أن هلال سامي هو من أظهر الشباب بهذا السوء
ولهذا استحق الهلال انتصاره واستحق سامي أن يكون نجماً لهذه المباراة .

هناك 3 تعليقات:

  1. من السهل القول أن الهلال كسب مباراته لأن الشباب كان سيئاً
    لكن الحقيقة هي أن هلال سامي هو من أظهر الشباب بهذا السوء

    تختصر الكثير
    تحليل رائع ومنصف
    شكرا ♡

    ردحذف
  2. شكرا لتحليلك الرائع

    ردحذف
  3. مبدع اتمنى دايما تحلل اي مباراة للهلال

    ردحذف