الثلاثاء، 26 نوفمبر 2013

كيف تغلب كارينيو على سامي الجابر؟





يُعدّ النصر في هذا الموسم من بين الأندية التي تعتمد
أسلوب امتلاك الكرة والمحافظة عليها لأكبر فترة ممكنة
وقُبيل ديربي الرياض كان النصر يملك معدل استحواذ للكرة يصل إلى 60%
وهو الرقم الأعلى بعد الهلال والأهلي الذان يملكان معدل 64%
لكنه أمام الهلال اختار اللعب بتحفظ و توازن عوضاً عن الإستحواذ
مفضلاً الإستغناء عن يحيى الشهري الذي لعب كل المباريات وكل الدقائق
في مباريات النصر الماضية والدفع بعوض خميس كلاعب إرتكاز ثالث
يعزز من قوة خط الوسط لأداء الواجبات الدفاعية التي يحتاجها الفريق
وبالتالي كارينيو منح الهلال الكرة لكنه أغلق عليهم السُبُل التي تجعلهم
قادرين على الإستفادة من نسبة الإستحواذ التي وصلت إلى 66% لصالح الهلال في هذه المباراة
بفضل الضغط المكثف الذي مارسه لاعبو النصر طوال المباراة
ففي كل مرة تكون الكرة بحوزة لاعب هلالي يكون هناك ضغط نصراوي
ولكن هذا الضغط لم يتخذ شكلاً واحداً فحسب بل كان متنوعاً للغاية
ويمكن تقسيم ضغط كارينيو إلى عدة أنواع تختلف حسب موقع الكرة






حين يحاول الهلال الخروج بالكرة من مناطقه الدفاعية
سواء عبر ضربة مرمى تنفذ لمدافع قريب أو حين تُعاد الكرة
من قبل أحد اللاعبين تجاه حارس المرمى أو قلبيّ الدفاع
تجد أن قلبيّ هجوم النصر السهلاوي والراهب يقومان بالضغط السريع
على هوان ويحيى مسلم قلبي دفاع الهلال مع قيام محمد نور
بمحاولة منع وصول الكرة إلى عادل هرماش و كاستيّو

وبالطبع لا يمكنك أن تمنع الهلال من الخروج بالكرة من ملعبه طوال المباراة
لكن فكرة كارينيو كانت تهدف لمنع الهلال من الخروج بالكرة عبر عمق الملعب
ومحاولة إجبار الهلاليين على إخراج الكرة إلى أحد طرفيّ الملعب

هذا الأسلوب أثر كثيراً على عادل هرماش وكاستيو
اللذان لم يجدا الوقت والمساحة لبناء هجمات الهلال من الخلف
فكانا ربما أكثر لاعبي الهلال غياباً عن المباراة وأقلهم تأثيراً
و هو ما ساهم في التقليل من فاعلية الهجوم الهلالي
الذي كان يجد دعماً كبيراً من المغربي هرماش سواء عبر التقدم للأمام
أو إمداد لاعبي الهجوم بالكرات الطويلة من الخلف





النوع الثاني من الضغط كان النصر يمارسه حين تتحول كرات الهلال
إلى أحد جناحي اللعب خاصة الجناح الأيمن الذي يتواجد فيه سالم الدوسري وياسر الشهراني
وذلك عبر توفير جدارين متوازيين يمنعان وصول الكرة إلى عمق الملعب
وهو ما تسبب في جعل الهلال يخسر الكثير من الكرات
ويعجز عن تشكيل خطورة هجومية طوال الشوط الأول على أقل تقدير

هذا التشكيل كان يتطلب لياقة عالية وإلتزام خططي كبير
لتحمل هذا الجهد البدني الكبير المتواصل على مدى 90 دقيقة
وهو ما يفسر اختيار كارينيو لعوض خميس الذي كان أكثر قدرة من يحيى الشهري
على القيام بهذه الأدوار الدفاعية التي لا تناسب الشهري






النوع السابق من الضغط كان الهدف الرئيسي منه
عزل تياجو نيفيز عن بقية الفريق وإغلاق كل المسارات
التي قد تودي بالكرة إليه في عمق الوسط حيث يتواجد غالباً
وتكمن خطورة نيفيز في كونه حلقة الوصل بين كل مفاتيح الهلال الهجومية
فهو من يستلم الكرات من محاور الإرتكاز ثم ينطلق بها للأمام
وهو من يوفر خيار التمرير الأمثل للجناحين الدوسري والعابد
حين يقرران الدخول لعمق الملعب وهو كذلك صانع اللعب
الذي يحتاجه ناصر الشمراني للدخول إلى منطقة جزاء الفريق الأصفر
دون أن نغفل قدرته العالية على التصويب من مسافات بعيدة

معظم حلول الهلال الهجومية في المباريات السابقة
كانت تبدأ من نيفيز ولذلك فإن عزله في منطقة بعيدة عن بقية الزملاء
أمّن دفاع النصر وجعله يلعب براحة أكبر وأخطاء أقلّ

ووفقاً لإحصائيات الشوط الأول
كان نواف العابد وناصر الشمراني هما أقل لاعبي الهلال
لمساً للكرة خلال الشوط الأول وذلك بسبب افتقادهم
لمساندة نيفيز التي غابت بفضل عزل النصراويين له عن بقية الفريق








النوع الثالث من الضغط الأصفر
كان يستهدف عرقلة بناء هجمات الهلال من الجانب الأيمن في مهدها
وتمثل الجبهة اليمنى للهلال منطلق هجماته ونقطة قوته
ولذلك كارينيو كان أكثر حرصاً على تكثيف عناصره في هذه المساحة

وطوال الشوط الأول كان سامي الجابر يحاول أن يبني هجماته
عبر إيصال الكرة لياسر الشهراني وسالم الدوسري في نصف الملعب الخاص بالنصر
مستفيداً من قدرات الكوري تشو هوان والمغربي عادل هرماش
في التمرير الطويل والدقيق الذي يتفوقان فيه على مسلم وكاستيو





هذه أيضاً صورة توضح تمركز اللاعبين خلال الشوط الأول
( لاعبو النصر باللون الأزرق ولاعبو الهلال باللون الأحمر )
ويظهر كيف أن ثلاثة لاعبين من النصر كانوا يقفون كحائط دفاعي أول
قبل خروج الكرة من الجبهة الهلالية اليمنى

كانت هذه هي أهم أنواع الضغط الذي قام به كارينيو في هذه المباراة
والذي يشبه إلى حدّ كبير ما قام به سامي الجابر أمام الشباب الجولة قبل الماضية
وهو أيضاً ما حاول الهلال القيام به مجدداً أمام النصر
لكن السؤال المهم , لماذا نجح ضغط كارينيو ولم ينجح ضغط سامي ؟





هذه اللقطة هي نموذج لمعظم الكرات التي تكون فيها الكرة
في ثلث الملعب الدفاعي الخاص بالفريق النصراوي
حيث يتراجع إبراهيم غالب ليتمركز بين قلبي الدفاع محمد حسين وعمر هوساوي
ليصبح في موقع الليبرو الذي ينظم اللعب من الخلف

غالب في هذا الموقف لديه عدة خيارات للتمرير
سواء إلى قلبي الدفاع أو ظهيري الجنب عبدالغني والغامدي
أو حتى عبر إرسال كرات طويلة تجاه لاعبي الهجوم

هذه الأكثرية الصفراء في الخلف تُقابل بلاعب هلالي واحد فقط ( ناصر الشمراني )
والسبب أن لاعبيّ وسط النصر شراحيلي , خميس , نور
يلعبون في منطقة متقدمة جداً ولا يحاولون الإقتراب من غالب وبقية المدافعين
وذلك لإجبار الهلال على عدم التقدم بأكثر من لاعب للضغط على دفاع النصر
ولكن ماذا يحدث إذا ما قرر الهلال أن يضغط للأمام بأكثر من لاعب ؟






هذه حالة أخرى , ونموذج آخر لبناء اللعب النصراوي من الخلف
ونلاحظ أن عمر هوساوي يقود الهجمة بالقرب من إبراهيم غالب
في حين أنه لا وجود لأي لاعب نصراوي في العمق بالقرب منه
ونلاحظ كذلك أن ناصر الشمراني وخط الوسط الهلالي بالكامل
يحاولون الضغط ولكن دون وجود أي لاعب نصراوي بالقرب منهم
من بين اللاعبين الذين يفترض أن يستلم الكرة أحدهم

في هذه اللقطة , شايع شراحيلي و عوض خميس والسهلاوي والراهب
يتمركزون جميعاً خلف خط الوسط الهلالي الذي يتقدم للأمام
وبالتالي فإن وصول الكرة لأي منهم يعني حصول النصر على أفضلية عددية
في ثلث الملعب الدفاعي للهلال وهو السرّ في معظم هجمات النصر في هذه المباراة

الهلال كان يُعاني في الحالتين , فسواء قام بالضغط بالشمراني وحيداً
أو بخط الوسط بالكامل على لاعبي النصر فإن كارينيو
كان قد جهّز للاعبيه الوصفة اللازمة للتخلص من هذا الضغط المتوقّع





هذه رسمة توضيحية للهدف النصراوي الأول
ولأحد الفرص المهدرة من قبل يحيى الشهري في شوط المباراة الثاني
وتظهر هذه الرسمة كيف كان يتعامل النصر مع بُعد المسافات بين دفاع النصر وبقية اللاعبين
والذي كان يُعالج بواسطة الكرات العالية التي تُرسل من الخلف
وذلك بفضل تميّز إبراهيم غالب ومحمد حسين وحسين عبدالغني في مثل هذه الكرات

لاحظ أن الكرة كانت تنتقل من نصف الملعب النصراوي
إلى نصف ملعب الهلال بواسطة تمريرة واحدة فقط 
 
وطوال المباراة قام لاعبو النصر بإرسال 57 كرة طويلة
لكن 31 كرة منها تحديداً كانت بواسطة الثلاثي غالب , محمد حسين , عبدالغني
وتمثل كرات هذا الثلاثي أكثر من 54% من كرات النصر الطويلة !

أهداف النصر وهجماته الخطيرة في المباراة
معظمها كانت تبدأ عبر كرة طويلة لاستغلال المساحة الكبيرة
ما بين خط دفاع الهلال الذي يلعب متقدماً بشكل واضح
وحارس مرماه الذي لا يُجيد لعب دور الليبرو أو الخروج للأمام بالشكل الصحيح





الكرات الطويلة هي الحل المثالي للتخلص من مواقف الضغط
كما يظهر في هذه الحالة التي يقف فيها إبراهيم غالب تحت ضغط هلالي
لكنه ينجح في إرسال كرة طويلة بواسطة قدمه اليُسرى ( غير المفضلة )
كانت مفتاح ركلة الجزاء التي تحصّل عليها عبدالرحيم جيزاوي

بدوره حاول الهلال أن يلعب مثل هذه الكرات خاصة في الشوط الثاني
لكن عدم توفر تشكيلة الهلال على لاعبين يجيدون لعب الكرات العالية والطويلة
كان سبباً في ضياع الكثير منها دون إغفال تميز دفاع النصر
في التعامل مع معظم كرات الهلال الهوائية طوال المباراة






تحدثنا سابقاً عن محاولة كارينيو لخنق الجبهة الهلالية اليمنى
لكنه كذلك كان يحاول إستغلال إصرار سامي الجابر عليها لضرب الدفاع الهلالي
وكانت أحد أكبر مشاكل الهلال في هذه المباراة هي المسافة الكبيرة
التي يبتعد بها ياسر الشهراني عن بقية خط دفاع الفريق الأزرق

مشكلة الهلال كانت تكمن في أنّ الشهراني يُبالغ في التقدم للأمام
في حين أن خط الدفاع لا يقوم بالميلان بالكامل لتغطية هذا الفراغ
دون أن ننسى أن عادل هرماش أو سيجوندو كاستيو
كان على أحدهما أن يؤمّن تقدم الشهراني كلما حاول مساندة سالم الدوسري في الأمام






تقدم ياسر الشهراني والمساحة خلفه كانت النقطة
التي حاول النصر أن يبني عليها هجماته خاصة في شوط المباراة الأول
عبر الكرات الطويلة من قبل حسين عبدالغني تحديداً
والذي كان يستهدف هذا النوع من الكرات حتى ولو عبر رمية تماس !





هدف النصر الأول كان تطبيقاً ناجحاً لاستغلال هذه المساحة
وبفضل إختيار كارينيو لـ اللعب بمهاجمين عوضاً عن مهاجم واحد
كان السهلاوي والراهب في موقف لاعب ضد لاعب في مثل هذه الكرات
بحيث يحاولان التحرك في ظهر تشو هوان ويحيى مسلم
لاستغلال أي كرة طويلة لا يجيد الدفاع الهلالي التعامل معها كما ينبغي





في الشوط الثاني قلّت هذه الكرات بفضل تغييرات سامي الجابر
حيث حوّل الهلال معظم هجماته للجبهة اليسرى
كما أنه قام بتغيير طريقة اللعب من 4-2-3-1 إلى 4-4-2
وذلك بإخراج جناحيّ الهجوم الدوسري والعابد وتعويضهما بياسر القحطاني و محمد الشلهوب

الهدف من هذه التغييرات كان منح الهلال زيادة عددية في عمق الملعب
وعوضاً عن أن يكون نيفيز لوحده هو حلقة الربط بين الدفاع والهجوم
كان هناك أيضاً محمد الشلهوب وعادل هرماش الذي لعب أكثر للأمام

سامي الجابر كان يهدف لجعل اللعب أكثر في عمق الملعب
بحيث تخرج الكرة من الدفاع للأمام مباشرة وليس للجناح الذي يحاول بعد ذلك
أن يُعيدها للعمق حيث يُحاصر النصر تياجو نيفيز





وبفضل إحدى هذه الكرات التي تميز بها الهلال في الشوط الثاني
وجد مثلث الهلال الهجومي المكون من نيفيز والشمراني والقحطاني
من الحصول على فرصة للتسجيل عبر كرة من عمق الملعب
مررها ناصر الشمراني تجاه نيفيز قبل أن يُعيدها إليه لتكون هدف التعديل

سامي الجابر كان يحاول أن ينقل منطقة الصراع
ما بين خط وسطه وهجومه وما بين الضغط النصراوي إلى عمق الملعب
لكن كارينيو كان ذكياً في تعامله مع هذه الوضعية





تغييرات كارينيو في الشوط الثاني , يحيى الشهري و عبدالرحيم جيزاوي
بحيث يتواجد الشهري على اليمين والجيزاوي على اليسار
على حساب محمد نور صانع اللعب و حسن الراهب رأس الحربة

كارينيو كان يحاول أن يستغل إنكماش الهلال في عمق الوسط
عبر إستغلاله للمساحات على طرفيّ الملعب التي أصبحت فارغة
بعد خروج سالم الدوسري ونواف العابد
ويمكن النظر لهدف النصر الثاني وملاحظة كيف أن الجيزاوي
استغل المساحة التي كان يتواجد فيها الشهراني لوحده
مستفيداً من سرعته وحسن قراءته لمسار الهجمة منذ البداية





لاعبو النصر كانوا أكثر قدرة من لاعبي الهلال
على استغلال المواقف الهجومية بفضل الزيادة العددية
والتي تؤمّن للفريق خيارات أكثر للتمرير
سواء بالطلب المباشر للكرة أو التحرك من دونها

ومجدداً عبر الأطراف كانت تحركات الشهري والجيزاوي
أحد أهم الأسباب التي ساعدت النصر
على تشكيل خطورة على المرمى الهلالي
حتى ولو كان الفريق الأصفر قد حاز الكرة بنسبة لا تتجاوز 34% !





نجم المباراة الأول و آخر ما يُمكننا الحديث عنه في هذه القمة
هو لاعب خط وسط النصر إبراهيم غالب
والذي كان مفتاح اللعب الأول للفريق الأصفر في هذه المباراة

غالب كان متميزاً في إفتكاك الكرة وفي البناء الهجومي
( في الصورة غالب محاصر من 3 لاعبين لكنه يخرج بالكرة من بينهم )
ومن الصعب عليك أن تجد في كرة القدم السعودية اليوم
لاعباً يُجيد الأدوار الدفاعية والهجومية بنفس الكفاءة والإتقان
ولا أبالغ حين أقول أن لاعباً بهذه المواصفات
يُفترض أن يكون أغلى اللاعبين ثمناً من بين كل اللاعبين المحليين
لأنه عنصر مهم لا يمكن لكارينيو أن يلعب مباراة كهذه
دون وجود لاعب قيادي في خط الوسط مثله

إبراهيم غالب هو اللاعب الوحيد في النصر
الذي لعب كل المباريات وكل الدقائق في هذا الموسم
وهو ما يُفسّر إعتماد كارينيو الكبير عليه
وهو ما يجعلني كذلك أقول أنه أهم لاعب في التنظيم النصراوي
الذي كان سبباً في منح النصر نقاط المباراة وصدارة الترتيب