الاثنين، 28 أكتوبر 2013

تحليل تكتيكي لمباراة تشيلسي ومانشيستر سيتي






قد يكون العنوان الأبرز للمواسم الثلاثة التي قضاها جوزيه مورينيو في مدريد
وكذلك الأشهر الأولى في لندن بعد العودة مجدداً إلى تشيلسي
هي الثبات غير المعتاد من قبل الفنيّ البرتغالي على طريقة لعب واحدة
مفضلاً ترسيخ أسلوب لعب محدد في أذهان اللاعبين
عوضاً عن تغيير الفريق كخطة وكأفراد وفقاً لكل مباراة حسب صعوبتها وأهميتها

جوزيه مورينيو اختار الإبقاء على أسلوبه و نهجه الثابت في اللعب
منطلقاً من طريقة 4-2-3-1 بتواجد أوسكار كصانع لعب
ومن حوله هازارد و شورله كجناحيّ هجوم خلف فيرناندو توريس
مع الإبقاء مرة أخرى على خوان ماتا على دكة البدلاء
على الرغم من كونه أفضل صانعي ألعاب الفريق خلال الموسم الماضي

الإحصائيات تقول أن تشيلسي لعب حتى هذه اللحظة
14 مباراة في مختلف المسابقات كلها كانت بطريقة 4-2-3-1
باستثناء الشوط الأول فقط من مباراة توتنهام هوتسبير
والذي لعب فيه جوزيه مورينيو بطريقة 4-3-2-1 ( 3 محاور )





 
بالمقابل مانويل بيلجريني اختار الطريق الآخر الذي لم يسلكه مورينيو
وهو تغيير نهج الفريق وفقاً لأسلوب لعب المنافس
وذلك عبر الإستغناء عن الشريك الآخر لسيرجيو أجويرو في خط الهجوم
ومعوضاً ذلك بخافي جارسيا كلاعب وسط دفاعي ثالث
دون إغفال أنه استغنى عن خيسوس نافاس لاعب الجناح السريع
مفضلاً سمير نصري وديفيد سيلفا كلاعبي وسط يميلان لعمق الملعب
في طريقة لعب تتحول من 4-3-2-1 إلى 4-2-3-1
وفقاً لصعود الإيفواري يايا توريه من الخلف للأمام أو العكس

السؤال المهم . .
لماذا اختار مانويل بيلجريني اللعب بثلاثة محاور ( وسط مدافع ) ؟






أمام بايرن ميونخ ظهر جلياً أن ثنائية فيرناندينيو ويايا توريه
ليست فعّالة دفاعياً بقدر فاعليتها الهجومية
ويعود السبب في ذلك أن الثنائي الإيفواري والبرازيلي
هما في الأصل لاعبي وسط ذوي ميول هجومية
أكثر من كونهما لاعبي إرتكاز دفاعيين مثل نايجل دي يونج أو جاريث باري

توريه وفيرناندينيو يلعبان كثيراً بشكل رأسي وليس أفقي
بحيث يتقدم توريه للضغط في منطقة متقدمة ويكون فيرناندينيو خلفه مباشرة
وهو ما يترك فيرناندينيو وحيداً في مواجهة أي هجوم مرتد
في كل مرة ينجح المنافس من تجاوز توريه أو تمرير الكرة في ظهره
دون أن نغفل أن الميول الهجومية لـ ديفيد سيلفا وخيسوس نافاس أو حتى سمير نصري
تزيد الأمر صعوبة على ثنائي الإرتكاز

علينا كذلك أن لا ننسى أن توريه وفيرناندينيو
يلعبان عادة في طريقة 4-4-2 التي تعتمد على نافاس وسيلفا
كلاعبي وسط على الأطراف أمامهما ثنائي هجوم ( أجويرو و نيجريدو )
وبالتالي فإن توريه وفيرناندينيو لا يلعب أمامهما صانع لعب ( رقم 10 )
يقوم بمنع تقدم لاعبي وسط الفريق المقابل
وهو ما يجعل تقدم توريه تقدماً إجبارياً أكثر من كونه إهمال منه
 
وبالتالي فإن اختيار خافي جارسيا كلاعب وسط دفاعي ثالث
كان حلاً ذكياً من بيلجريني للقضاء على هذه المشكلة
خاصة وأنه يلعب أمام فريق يتميز بسرعة الإرتداد وإتقان الهجمات المضادة






أثناء المباراة كان واضحاً أن تحرير يايا توريه من الأعباء الدفاعية
يهدف إلى منحه الحرية لممارسة الضغط العالي بكل راحة
دون التفكير في فيرناندينيو الذي كان يلعب سابقاً لوحده من خلفه

توريه وأجويرو كانا يعملان على تعطيل محاولات تشيلسي لبناء اللعب من الخلف
وذلك بحرمان فرانك لامبارد و راميريز من المساحة الكافية
لاستلام الكرة ومن ثم التفكير في خيار هجومي تنطلق منه الهجمة

وباستثناء محاولات توريس التي كانت تنطلق من الأطراف
لم ينجح تشيلسي في تنظيم هجماته بالشكل المعتاد
ولم تكن كرات راميريز ولامبارد تصل إلى صانع اللعب بسهولة
وتظهر الإحصائيات أن أوسكار لمس الكرة 13 مرة فقط
خلال شوط المباراة الأول 4 كرات منها فقط كانت في عمق الملعب !





بالمقابل جوزيه مورينيو اختار مجدداً انتظار المنافس في نصف ملعب تشيلسي
مفضلاً عدم ممارسة الضغط العالي أو محاولة تعطيل هجمات مان سيتي
وهي لا تزال في طور البناء في نصف ملعب الفريق السماوي
بخلاف ما كان يطبقه مورينيو مع ريال مدريد
حيث كان يضغط بشكل كبير لمحاولة استرجاع الكرة في أسرع وقت ممكن
للوصول إلى استحواذ عالي على الكرة يفرض من خلاله رتمه الخاص

هذا النهج الذي يستخدمه مورينيو مع تشيلسي
لم يكن وليد اللحظة بل هي قاعدة من ضمن قواعده التي طبقها منذ بداية الموسم
وبالنظر إلى قائمة أعلى الأندية استحواذاً على الكرة في البريمرليج
نجد أن تشيلسي في المرتبة السابعة خلف أندية أقل منه
مثل سوانزي و إيفرتون وساوثامبتون

وبالعودة للمباراة فإن ميول تشيلسي الدفاعية ساعدت مان سيتي
ليفرض سيطرته على المباراة ويتحكم برتمها معظم الوقت
وليكون من بين أكثر 5 لاعبين تمريراً في المباراة رباعي وسط مان سيتي
خافي جارسيا , فيرناندينيو , توريه و ديفيد سيلفا





تراجع تشيلسي كما ذكرنا سابقاً ساهم في خلق فجوة واضحة
بين لاعبي وسط البلوز و مهاجميهم ( أوسكار و توريس )
ويمكن القول أن بيلجريني اختار خافي جارسيا ليبدأ المباراة أساسياً
لأسباب دفاعية سبق الحديث عنها , وكذلك لأجل أغراض هجومية
حيث تكون له المساحة دائماً لبناء اللعب من الخلف
مستفيداً من تقدم زملائه الآخرين الذي يقودون لاعبي تشيلسي
للإبتعاد عنه وعن فيرناندينيو للحصول على المساحة والوقت
لتمرير كرات طويلة أو البحث عن خيار تمرير آمن
في ثلث الملعب الدفاعي الخاص بالفريق اللندني
 و سنكتشف فيما بقي من حالات أن معظم فرص مانشيستر سيتي
كانت تنطلق من خافي جارسيا أو فيرناندينيو
بسبب المساحة التي يحصلون عليها دائماً بالقرب من دائرة المنتصف






إحدى الحالات التي نتحدث عنها كانت فرصة ديفيد سيلفا في الشوط الأول
ونلحظ في الصورة تراجع لاعبي وسط تشيلسي المبالغ فيه
وانشغال لامبارد و راميرز بمراقبة يايا توريه
وهو ما منح فيرناندينيو تلك المساحة الكبيرة جداً في منتصف الملعب
وباستغلال انشغال كلّ من جاري كاهيل و إيفانوفيتش
بمراقبة سمير نصري و سيرجيو أجويرو وجد ديفيد سيلفا نفسه دون مراقبة
ليطلب الكرة  بكل سهولة في ظهر إيدين هازارد !

صحيح أن تلك الكرة لم تسجل هدفاً . .
لكن يمكن النظر إليها كنموذج يُظهر عيوب اختيار تشيلسي
لمبدأ اللعب بشكل متراجع ويُظهر كذلك كيف نجح بيلجريني
في استغلال هذه الثغرة التي خلق من خلالها أكثر من مرة
الوقت والمساحة الكافية للاعبيه للقيام بالبناء الهجومي بكل أريحية




لنتحدث الآن عن تشيلسي . .
ولتسمحوا لي بأن لا ألتزم بالتسلسل الزمني لأحداث المباراة
ففي الدقيقة 36 فيرناندو توريس يشنّ هجوماً فردياً عبر الجناح
ليخترق والكرة بين قدميه باتجاه مرمى مانشستر سيتي دون أي مضايقة

توريس يُغيّر اتجاهه ويعود بالكرة للخلف بحثاً عن زاوية تصويب
وليكون هو والألماني أندري شورله في موقف 2 ضد 6 مدافعين
ورغم ذلك يصوب توريس الكرة دون أدنى مضايقة
ولتمنع العارضة هدفاً محققاً لتشيلسي وسط مشاهدة جماعية
من قبل حارس المرمى و بقية لاعبي الدفاع





لنرجع الآن للدقيقة 32 ( 4 دقائق قبل كرة توريس التي أصابت العارضة )
وسنشاهد أن نفس الحالة تماماً حدثت ولكن على الجناح الأيمن هذه المرة

توريس يتوغل عبر الجناح دون مضايقة من كليتشي أو فيرناندينيو
ومن ثم يدخل لمنطقة الجزاء ويمرر الكرة باتجاه أندري شورله
الذي كان هو وفيرناندو توريس أيضا ً في موقف 2 ضد 6 مدافعين
لكن الفارق أن الكرة انتهت هذه المرة في شباك جو هارت

وفي الواقع فإن من ينظر بعين الإنصاف لعمل بيلجريني التكتيكي في هذه المباراة
سيعلم أن دفاع السيتزن هو من أضاع نقاط المباراة
بسبب هذه السذاجة الكبيرة في التعامل مع هجمات الفريق اللندني






لنعد مجدداً إلى الهدف . .
ولننظر إلى هذه الصورة التي تظهر تحرك شورله من الخلف للأمام
وكيف أنه قرأ تحرك فيرناندو توريس ونجح في توقع مسار الكرة

وبالنسبة للاعبيّ الهجوم وبشكل أدقّ رؤوس الحربة
فإن الحركة المتموجة التي تشبه حركة الأفعى
هي أفضل وسيلة لخداع المدافعين الذين يحاولون في مثل هذه الحالة
أن يتوقعوا الإتجاه الذي سيتحرك فيه المهاجم
ومن ثم محاولة الوصول إلى الكرة قبله
أو على الأقل الانزلاق أمامه لمنع الكرة من الوصول إلى المرمى






شورله كان مراقباً من قبل ديميكيلس حين انطلق باتجاه المرمى
وظلّ يتحرك بشكل متموّج حتى لحظة تمرير الكرة
موهماً مدافعي مان سيتي أنه سيذهب لاستقبال الكرة عند القائم الأول
وعندما لاحظ أن ديميكيلس قرر الذهاب باتجاه القائم الأقرب للكرة
انطلق في الجهة المعاكسة وانتظر الكرة في ظهره
لتصله الكرة في الوقت والمكان المناسب لتكون هدف تشيلسي الأول !

وفي الحقيقة فإن هدفاً كهذا ينظر إليه عند الكثيرين
على أنه هدف سهل للغاية , فالمهاجم يضع قدمه أمام الكرة فتدخل للمرمى
وأن المجهود الأكبر فيه كان لفيرناندو توريس
لكن ذلك ليس صحيحاً رغم تقديري لجهد المهاجم الإسباني

وضع شورله للكرة في المرمى هو لقطة الختام
لكنه قبل ذلك قام بتحرّك ذكي للغاية
هذا التحرك لا يقوم به إلا مهاجم رأس حربة خبيث جداً
ولا أعلم كيف للاعب في مثل شورله أن يتعلم مثل هذه الحيل
وهو لا يزال بهذا العمر وهذه التجربة !





لنتحدث الآن عن هدف مان سيتي الوحيد
ومجدداً الكرة بحوزة خافي جارسيا ودون أي مضايقة من لاعبي تشيلسي
وذلك بسبب تراجع تشيلسي وعدم ممارسته للضغط
مع ملاحظة أن جناحي الهجوم هازارد وشورله
يراقبان محاولة كليتشي و زاباليتا للتقدم للأمام

ثواني قليلة تمر و الكرة لا تزال بحوزة خافي جارسيا
و لأن يايا توريه خيار جارسيا المفضل للتمرير مراقب من قبل أوسكار
فإن فيرناندينيو و ديفيد سيلفا يتراجعان للخلف
ومن ثم يقوم جارسيا بتمرير الكرة إلى ديفيد سيلفا الغير مراقب






تراجع سيلفا هو ما دفع لاعبي تشيلسي للتقدم
دون أن يشعروا وهم يراقبون الكرة بأعينهم
أنهم خلقوا فجوة كبيرة في الخلف لـ سمير نصري
الذي وجد نفسه والكرة بين قدميه خلف كل لاعبي وسط تشيلسي
و أمام رباعي دفاع تشيلسي الذي ظلّ يراقب الكرة بعينيه





وبلمسة سريعة من نصري وتحرك ذكي من أجويرو
المهاجم الأرجنتيني وجد نفسه في مواجهة بيتر تشيك
وليسددها من اللمسة الأولى في زاوية مرتفعة
لتكون هدف مان سيتي الوحيد في المباراة

على يسار الصورة رسم توضيحي لمسار الهجمة
وتلاحظ كيف كان مسارها عمودياً وبعدد قصير من اللمسات
(3 لمسات فقط من جارسيا حتى وصولها لأجويرو)
وهو ما يدفع للتساؤل , كيف لوسط ودفاع فريق مثل تشيلسي
أن يسمح بمرور الكرة بهذا الشكل بين خطوطه

ومجدداً فإن السبب في اعتقادي هو استخدام مورينيو
لمبدأ انتظار المنافس في نصف الملعب الدفاعي لتشيلسي
عوضاً عن الضغط العالي والذي قد يكون المبرر لعدم اللجوء إليه
هو عدم توفر تشكيلة تشيلسي على لاعبي وسط دفاعيين
قادرين على تحمل هذا النمط من اللعب المرهق جداً





آخر أحداث المباراة كان هدف تشيلسي المتأخر
وبغض النظر عن خطأ جو هارت في الصعود للأمام
وهو ما تسبب في حصول فيرناندو توريس على فرصة التسجيل
فإن هذه الحالة حدثت بعد استبدال خافي جارسيا
والذي كان من الطبيعي أن يتواجد حيث يشير السهم في الصورة

ونلحظ كذلك في الصورة . .
كيف أن يايا توريه وفيرناندينيو يلعبان مجدداً بشكل رأسي
بحيث يتقدم توريه بشكل مبالغ فيه للضغط على حامل الكرة
ويتسبب مَيلان فيرناندينيو إلى أحد الجانبين في تفريغ الجانب الآخر
وهو ما ترك ناستاسيتش وحيداً في مساحة كبيرة جداً
ما ساهم في تقدمه للأمام وليحدث بعد ذلك الخطأ المشترك
بينه وبين حارس المرمى جو هارت في وقت قاتل للغاية


خلاصة القول . .
خياران أمام مورينيو للمستقبل فإما أن يتحول للضغط العالي
أو أن يُصلح عيوب أسلوب لعبه الحالي خاصة في الشق الدفاعي
و بيلجريني عليه أن يجد الحلول لثنائية توريه وفيرناندينيو
التي تكون سبباً في معاناة الفريق دفاعياً
لأن مشاركة خافي جارسيا تحلّ له الإشكال الدفاعي
لكنها تضر بالفريق من جانب آخر من حيث الشكل الهجومي