الخميس، 23 مايو 2013

ريال مورينيو (2) نمط تكتيكي




قد تحب مورينيو أو تكرهه
لكنك غالباً لن تختلف مع أحد في كونه واحداً
من أذكى المدربين وأكثرهم دهاءً تكتيكياً

لمسة مورينيو التكتيكية كانت في نظر الكثيرين
أشبه بأسطورة الملك ميداس الذي يُحوّل كل ما تلمسه يده ذهباً
ففي بورتو وتشيلسي وبشكل أكثر وضوحاً في الإنتر
كان عمل مورينيو التكتيكي هو العامل الأول
في نجاحات تلك الأندية مع الداهية البرتغالي

وفي حين أن صنفاً من المدربين مثل أريجو ساكي
أو حتى فيسنتي ديل بوسكي و بيب جوارديولا
يعتمدون على أسلوب اللعب أو العقلية الثابتة للفريق
فإن مدرسة مورينيو مختلفة بشكل تام
وذلك لأنه من المدربين الذين يلعبون كل مباراة على حدة
حسب ظروفها وحسب طبيعة الفريق المقابل

ودون الإغراق في سرد الأمثلة
يمكن الحديث عن تجربته مع الإنتر كأنموذج لما نتحدث عنه
ففي الإنتر كان مورينيو يخلق تنوعاً في تكتيكه
فمرة يلعب بـ4-3-3 ومرة 4-4-2 بثلاثة لاعبي إرتكاز
وغيرها من طرق اللعب المتفرعة من هذين النموذجين
ويبقى أسلوب اللعب الحذر وعدم المبالغة في الهجوم
هي السمات الطاغية على نهج مورينيو الفني

في ريال مدريد كان الأمر مختلفاً بالنسبة لمورينيو
ومنذ أيامه الأولى في مدريد لم يتردد مورينيو في أن يقول
(ريال مدريد لديه أهداف وتقاليد ويحب الكرة الهجومية ولديه نوعية محددة من كرة القدم)
وفي هذا التصريح لمورينيو الكثير من التفسيرات
لما أعتقد أنه كان أحد الأسباب في إخفاقات الفريق بعد ذلك

في الموسم الأول لجوزيه مورينيو في مدريد
كان الفريق أقرب إلى عقلية مورينيو من بقية المواسم
وهي فكرة غريبة قياساً لكون مورينيو بنفسه
دائماً ما يقول أن الفريق في الموسم الثاني على الأقل
يكون قد تشرّب تكتيكه وبات أكثر قدرة على ترجمة أفكاره

واقعياً مورينيو أخضع ريال مدريد لأفكاره في أول مواسمه
وهناك شاهدنا كرة قدم دفاعية تميل لأفكار مورينيو المعتادة
كما حدث في نهائي كأس ملك إسبانيا
حين لعب مورينيو بـ بيبي كلاعب إرتكاز ثالث على حساب بنزيما
ليلعب الفريق في الخلف ودون مهاجم حقيقي
لكنه في النهاية حقق الفوز وقدم مباراة تكتيكية عظيمة

مباراة برشلونة كانت مجرد نموذج
لكن هناك الكثير من المباريات في الموسم الأول
 التي لعب فيها ريال مدريد بأفكار مورينيو التقليدية
لكن ذلك لم يناسب الصحافة ولا الجماهير
لأنها لا تحب أن تشاهد ريال مدريد يلعب كرة دفاعية
وهو أمر غير مقبول خاصة حين يتعلق الأمر
باللعب أمام برشلونة وتحديداً في سانتياغو بيرنابو

في الموسم الثاني قدّم مورينيو فكرة جديدة
تجعله قادراً على التعامل مع برشلونة
ولكن بطريقة أكثر شجاعة كما يسميها البعض
ترتكز على 4-2-3-1 تقليدية أساسها الضغط العالي
ومضايقة برشلونة في ملعبه عوضاً عن إنتظاره في الخلف
وهو الأسلوب الذي إستمر مورينيو في إستخدامه
كلما واجه برشلونة خلال الموسمين الثاني والثالث له في مدريد
فأصبح الفريق يعرف كيف يتعامل مع برشلونة
بعد أن كان عقدة ً لا يجيد فكّ رموزها

وفي 10 مواسم قضاها مورينيو مدرباً لعديد من الأندية
قبل أن يصل به المطاف إلى ريال مدريد
كان قد واجه برشلونة 10 مرات فقط مع تشيلسي والإنتر
في حين أنه في 3 مواسم فقط مع ريال مدريد
لعب مع برشلونة 17 مرة في 4 بطولات مختلفة
بواقع 5 مباريات على الأقل في الموسم أمام الفريق الكاتلوني

وكسجل بطولات فإن جميع الألقاب التي حققها مورينيو
مع ريال مدريد كانت تمر عبر بوابة برشلونة (1 دوري 1 كأس 1 سوبر)
في حين أن 5 من أصل 8 بطولات ضاعت على ريال مدريد في عهده
كانت أمام برشلونة (2 دوري 1 كأس 1 سوبر 1 دوري أبطال)
وبسبب هذه المحصلة الضخمة من الصدامات مع برشلونة
فإن مورينيو انساق دون أن يشعر , ليحول ريال مدريد
من فريق يلعب بأفكاره الخاصة إلى فريق مفصّل لمقاومة برشلونة
وهو ما أضر بريال مدريد في مواجهاته الأخرى

وفي إحصائية قدمها موقعيّ whoscored و transfermarkt
فإن ريال مدريد في جميع مبارياته الرسمية لهذا الموسم
لعب بطريقة لعب واحدة فقط (4-2-3-1)
وهي حالة غريبة جداً قياساً بفريق يدربه جوزيه مورينيو
( الإستثناء كانت مباراة مان سيتي 3-2 في سانتياغو بيرنابو)
في حين أن مان يونايتد وبروسيا دورتموند على سبيل المثال
استخدما 3 طرق (رئيسيّة) لعب على الأقل خلال الموسم

وإذا ما نظرنا إلى سجل ريال مدريد
خارج ملعبه في دوري أبطال أوروبا خلال آخر موسمين
نجد أنه حقق إنتصاراً على مان يونايتد المنقوص عددياً
في حين أنه عجز بشكل واضح عن الإنتصار
أمام بايرن ميونخ وبروسيا دورتموند ومان سيتي
وحتى أمام أندية أضعف من ذلك مثل سسكا موسكو وغلطة سراي

ريال مدريد إفتقد للخبث والحذر اللازم
الذي تحتاجه لتواجه كبار أوروبا في ملاعبهم
فكانت خسائره ذهاباً أمام بايرن ميونخ وبروسيا دورتموند
سبباً مباشراً في خروجه من نصف نهائي دوري أبطال أوروبا
لعامين متتاليين كان بإمكانه أن يكون بطلاً فيهما

ريال مدريد وللأسف يلعب أمام هذه الأندية
بصفته الفريق الأقوى والواجب عليه أن يفرض أسلوبه
مهما كانت طبيعة الخصم ومهما كانت صعوبة الملعب
وفي نظري أن ريال مورينيو كان يلعب بذكاء وحذر شديد
أمام خصم واحد فقط , وهو برشلونة !

السؤال الذي سيتبادر إلى الذهن بعد ذلك
لماذا ينجح أسلوب مورينيو مع برشلونة
ولا يكون بنفس الفاعلية أمام منافسين آخرين
والجواب بسيط جداً , ذلك لأن برشلونة هو الفريق الوحيد
الذي لا يغير أسلوبه مهما كان منافسه
ويلعب المباراة دائماً للهجوم ودون أي تحفظ
وبالتالي يمكن إعداد الفريق مسبقاً لمقاومة هذا الأسلوب
بينما مع منافسين آخرين نجد أنهم يفصّلون أسلوب لعبهم
ضد ريال مدريد وبالتالي يأخذ الريال واقعياً دور برشلونة
بينما فريق مثل دورتموند على سبيل المثال
يأخذ دور ريال مدريد هذه المرة !

ريال مدريد إفتقد للمرونة التكتيكية اللازمة
التي يحتاجها الريال كفريق والتي تعود عليها مورينيو كمدرب
ورغم أن الريال عمل على تحسين هذا الجانب
من خلال إنفاقه الصيف الماضي مبلغاً ضخماً للتعاقد مع لوكا مودريتش
إلا أن وجوده لم يستغل بشكل جيد
ولم يلعب كأساسي في مباراة هامة ومصيرية
إلا أمام دورتموند بسبب انضمام دي ماريا المتأخر للفريق

الخلاصة . .
أن صراع الكلاسيكو المكثف خلال السنوات الماضية
أضر بريال مدريد وبرشلونة دون أن يشعرا بذلك
فريال مدريد بات يعرف أسلوباً واحداً من اللعب
ينجح أمام برشلونة ويفشل أمام أقوياء أوروبا
وبرشلونة أصبح كتاباً مفتوحاً يمكن للكثيرين قراءته

الاثنين، 20 مايو 2013

ريال مورينيو (1) ترتيبات داخلية





في صيف 2010 وقّع جوزيه مورينيو المتوّج حينها للتو بثلاثية تاريخية مع إنتر ميلان الإيطالي
عقداً مع ريال مدريد ليكون بموجبه المدرب العاشر لريال مدريد خلال 7 سنوات فقط !

فمنذ رحيل ديل بوسكي صيف 2003 وريال مدريد لا يلعب موسمين كاملين بنفس المدرب
ويعرف المدريديون جيداً ماذا تسببت به دوامة تغيير المدربين المتكررة خلال تلك الفترة
والتي صاحبها إستقرار في برشلونة (مدربين فقط في 9 سنوات)
ساهم في تقدم الفريق الكاتلوني بشكل واضح

وبعد موسم واحد مع بيلجريني كان مشروعاً بضخامة مشروع فلورنتينو بيريز
الذي أنفق عليه أكثر من 250 يورو في صيف واحد بحاجة لمدرب قوي ومحنك مثل مورينيو
يمكنه أن يملأ مقعد المدرب في سانتياغو بيرنابو لمدة أطول من بقية الجالسين عليه خلال السنين الماضية

ولهذا يمكن القول أن حسنة مورينيو الأولى بدأت بالفعل قبل أن يقود الفريق في أول حصة تدريبية
فبتواجده يمكن لريال مدريد مادياً ومعنوياً أن يرتبط مع مدرب واحد لفترة أطول من المعتاد
نظراً لصعوبة تقبل الجماهير والصحافة لإقالة مدرب بنجاحاته
أو إرتفاع كلفة الشرط الجزائي في حال رغب فلورنتينو بيريز في فكّ الإرتباط معه

وقياساً بتواجد 3 إدارات مختلفة في تلك الفترة ( فلورنتيو بيريز ثم رامون كالديرون ثم بيريز مرة أخرى)
وكل هذا العدد من المدربين سريعيّ التغيير كان ريال مدريد يسير نحو المجهول بشكل حقيقي
فلا وجود لإستراتيجية رياضية محددة للنادي , فمرة يتم التعاقد مع لاعبين كبار السن
ومرة يشتري الفريق لاعبين صغار بلا تجربة كافية , ومرة يتم التركيز على النجوم (الجالاكتيكوس)
ومرة تميل الكفة نحو هولندا ولاعبيها مع إهمال واضح لفريق الدرجات السنية (الكاستيا)

وبعد نجاح برشلونة كفريق ولاماسيا كمشروع ريال مدريد كان بحاجة
لمدرب خبير يضعه على الطريق الصحيح يؤسس له مشروع رياضي جديد
ويرتّب له عملية بناء فريق قادر على المنافسة لسنوات طويلة وهو ما ظهر في الصيف الأول لمورينيو في مدريد
فإذا نظرنا إلى تجربة مورينيو الناجحة مع الإنتر نجده يفضل إختيار لاعبين جاهزين ومتقدمين في العمر
مثل ميليتو , موتا , بانديف , إيتو و شنايدر , بينما كانت تعاقداته الأولى في مدريد
مع لاعبين أصغر سناً وأكثر قابلية للتطوير مثل كاناليس , بيدرو ليون , أوزيل , دي ماريا وسامي خضيرة

و يمكنني القول أن إستراتيجية بيريز ومورينيو وقتها لم تكن الإطاحة ببرشلونة في أسرع وقت ممكن
بقدر ما كانت تحضير فريق قادر على اللعب معاً لسنوات يمكنه أن يضاهي برشلونة في أهم وأقوى مميزاته
وهي الإستمرارية وتجانس الفريق !

وبغض النظر عمّا آلت إليه الأمور بعد ذلك فإن ريال مدريد للمرة الأولى تقريباً منذ زمن بعيد
يخوض 3 مواسم متتالية بنفس الفريق تقريباً وبلاعبين معظمهم الآن دون سن الـ28 عاماً
وهو تحسن مهم جداً قد لا يؤمن به الكثيرون الآن لكن فوائده ستظهر لاحقاً وستكون في ظنّي
هي السبب في نجاح أي مدرب سيخلف مورينيو في مدريد

نقطة إيجابية أخرى يمكن القول أنها من الخطوات الأولى التي قام بها مورينيو في ريال مدريد
ويمكن كذلك إعتبارها واحدة من الثمرات التي سيتركها مورينيو خلفه حين يرحل عن سانتياجو بيرنابو
و هي إلغاء منصب المدير الرياضي بشكله القديم والتقليدي
فخلال فترات رئاسة فلورنتينو بيريز كان خورخي فالدانو هو من يمثل هذا المنصب في ريال مدريد
وصحيح أن فالدانو كلاعب وكمدرب يملك خبرة رياضية واسعة تؤهله ليكون مديراً رياضياً
إلا أن تجربته مع الريال لم تكن مشجعة فعن طريقه عقد الفريق صفقات فاشلة كثيرة
وهو صاحب فكرة التعاقد مع كارلوس كيروش التي كانت بداية إنهيار فريق الجالاكتيكوس
بالإضافة إلى أنه خلال فترة فلورنتينو بيريز الأولى طارد النجوم وأهمل الدفاع فكان لدينا فريق يجمع المتناقضات
بسببه خسر الريال ألقاباً كثيرة ما كانت لتضيع لو توفر خلف تلك النجوم خط دفاع قوي

وبالنظر إلى تجربة فالدانو و الصربي مياتوفيتش فإن منصب المدير الرياضي في ريال مدريد
كان سبباً وراء الكثير من القرارات التي أضرت بالفريق وبفضل مورينيو تغيرت العقلية التي بقيت لسنوات
فسابقاً كانت القرارات الرياضية تتخذ من قبل الرئيس بالتشاور مع المدير الرياضي (فالدانو أو مياتوفيتش)
بينما المدرب هو الحلقة الأضعف في هذا المثلث ليقتصر دوره على تدريب اللاعبين و إختيار تشكيلة المباراة
هذا إن آمنّا أنه كان يضعها دون تدخلات من الرئيس أو المدير الرياضي

اليوم في مدريد , جوزيه مورينيو هو من يحدد مستقبل الفريق وهو من يقرر لوحده
هل النادي بحاجة لهذا اللاعب أو ذاك , ولكم أن تتخيلوا ماذا كان سيحصده ريال مدريد من ألقاب
لو أن الملايين التي دفعت للتعاقد مع ديفيد بيكهام في وقتها تم إستثمارها في شراء مدافع أو مدافعين كبيرين
عوضاً عن إقحام الإنجليزي الأشقر في خط وسط لا مكان له فيه

ومهما كان المدرب الذي سيخلف مورينيو فإنني أعتقد أن ريال مدريد قد ودع للأبد
فكرة المدير الرياضي وسيكون المدرب الجديد هو من يقرر إستراتيجيات الفريق
وغالباً فإن زين الدين زيدان سيكمل عمله كمستشار للنادي أو يمكنه أن يصبح كذلك
أكثر قرباً ليكون مساعداً للمدرب الجديد لتكون قرارات الريال الفنية البحتة صادرة ً
من قبل رجلين فنييّن أحدهما مدرب الفريق وهو مالم يكن يحدث في مدريد لسنوات طويلة مضت

اليوم , ريال مدريد يحتاج فقط لمسؤول تعاقدات يمكنه أن يقود المفاوضات
وينهي الإجراءات اللازمة لتوقيع اللاعبين وهي التجربة التي طبقها فابيو كابيلو
حين أحضر معه الإيطالي الآخر فرانكو بالديني والذي كان السبب المباشر
في توقيع هيجوين ومارسيلو وجاجو في شهر واحد بعد رحلة قام بها إلى أمريكا الجنوبية شتاء 2007

الخلاصة . .
أن ريال مدريد تحول مع مورينيو من فريق يُدار رياضياً من قبل الرئيس
إلى فريق يقوده ويديره مدرب كرة قدم مع وجود فريق واعد و متجانس
ورؤية رياضية مستقبلية واضحة للفريق
وبهذه الميّزات , وبوجود ميزانية ضخمة تسهّل إجراء تعاقدات جديدة
يمكن القول أن مورينيو سيترك لمن بعده فريقاً يمكنه النجاح سريعاً دون الحاجة
لإضاعة مواسم في البناء من الصفر أو إعادة ترتيب النادي من الداخل !


الأحد، 12 مايو 2013

ما الذي يحدث في موناكو ؟




في الثاني من ديسمبر لعام 2010 عاش العالم على وقع مفاجأة غير متوقعة
حين أعلن جوزيف بلاتر رئيس الإتحاد الدولي لكرة القدم – فيفا
عن فوز الملفين الروسي والقطري بفرصة تنظيم كأسي عالم 2018 و2022
على الرغم من المنافسة الشديدة مع الولايات المتحدة وإنجلترا وأستراليا واليابان
وغيرها من القوى الإقتصادية العالمية العظمى

الأموال الروسية والقطرية التي دعمت وساهمت في جعل الفيفا
مطمئنة على نجاح تنظيم هذا الحدث الكبير لم تتوقف عند هذا الحد من الدعم والإستثمار
فالأموال القطرية توجهت بعد ذلك للإستثمار في كرة القدم الفرنسية
عبر النادي العاصمي باريس سان جيرمان والذي سيتوج هذا الموسم
بلقبه الثالث في الدوري الفرنسي بعد غياب طويل قارب العشرين عاماً
كان ليكون أطول لولا إنفاق القطريين السخيّ عليه

وفي حين أن روسيا وقطر لم تتنافسا لتنظيم مونديالي 2018 و2022
لأن كلاً منهما كان يستهدف بطولة كأس عالم مختلفة عن الأخرى
فإن التنافس سيكون مباشراً بينهما هذه المرة حين يصعد فريق إمارة موناكو
لدوري الدرجة الأولى الفرنسية ويكون عبر أمواله الروسية في منافسة شرسة
مع الفريق الباريسي ذو الأموال القطرية !

و موناكو هي إمارة مستقلة تقع في الجنوب الشرقي لفرنسا وتُعرف هذه الأمارة
صغيرة المساحة بثرائها ونمط الحياة المُترف الذي يعيشه ساكنيها
وكون الأمارة لا تملك إتحاد رياضي معترف به من قبل الإتحاد الأوروبي لكرة القدم
فإن فريق الأمارة يلعب منذ سنوات ضمن الدوري الفرنسي لكرة القدم
وهو ما يمكنه من ضم لاعبين من مختلف البلدان الأوروبية
كما أنه يتيح له المشاركة في البطولات الأوروبية التي ينظمها الإتحاد الأوروبي UEFA

وبغض النظر عن قلة عدد ساكني هذه الإمارة الذي يقل عن 40 ألفاً معظمهم من الأثرياء
فإن كرة القدم لا تستهوي الكثيرين هناك ولذلك فإن ملعب النادي لا تتجاوز سعته 18 ألف مقعد
كما أن معدل الحضور الجماهيري للفريق خلال الموسم لا يتجاوز الخمسة آلاف
مشجع في كل مباراة على الرغم من رخص ثمن التذاكر الموسمية للنادي
والتي تبدأ من 38 يورو فقط لجميع مباريات الموسم !

وبخلاف ذلك فإن الأمير ألبيرت الثاني ( حاكم الإمارة ) عُرف بولعه الشديد
بالرياضة بشكل عام وكرة القدم تحديداً وهو الذي يمتلك بطاقة العضوية
رقم 2 في النادي ( البطاقة الأولى كان يملكها والده ريني الثالث )
وبعد هبوط موناكو لدوري الدرجة الثانية نهاية موسم 2010-2011
قرر الأمير ألبيرت البحث عن حلول لإعادة النادي المتراجع رياضياً
إلى واجهة كرة القدم الفرنسية ومن ثم الأوروبية عبر مشروع إستثماري ورياضي ضخم جداً

الملياردير الروسي ديميتري ريبولوفليف والذي يتخذ من موناكو
مسكناً له في فترات مختلفة كان هو الرجل المناسب لقيادة هذا المشروع
ففي ديسمبر 2011 أعلن الملياردير الروسي أنه تمكن بالفعل
 من الحصول على ثلثيّ ملكية فريق موناكو أي ما يعادل 66%
من حصة الفريق بعد جلسة حوار بينه وبين الأمير ألبيرت
ليعلن عن نيته لإعادة موناكو لدوري الدرجة الأولى الفرنسيّة
لكنه وصل متأخراً فلم يتحقق هذا الهدف خلال ذلك الموسم

وفي هذا الموسم نجح موناكو بالفعل في التأهل لدوري الدرجة الأولى
ليبدأ الروسي الثري في الكشف عن نواياه لصرف مالا يقل عن 200 مليون يورو
لتدعيم الفريق وجعله منافساً حقيقياً لباريس سان جيرمان على لقب الدوري الفرنسي
في الموسم القادم وإن صحت الأخبار المتداولة هذه الأيام
فإن المهاجم الكولومبي راداميل فالكاو سيكون أولى الصفقات المجنونة لهذا النادي
مقابل ما لا يقل عن 60 مليون يورو !

ريبولوفليف هو إمتداد لرجال أعمال روس إقتحموا عالم كرة القدم الأوروبية
بعد نجاح أبراهموفيتش في تشيلسي وتجارب أخرى في أنجي ماخاشكالا وزينيت سان بيترسبرغ
لكن ما لا يعرفه الكثيرون عن ريبولوفليف و ما يميزه عن بقية المستثمرين الروس
أن هذا الرجل ينفق أمواله دون مبالاة شديدة ودون حسابات معقّدة
فقد دفع 100 مليون دولار ليشتري لإبنته جزيرة يونانية صغيرة تعرف باسم (سكوربيوس)
كما قام بشراء جزيرة (تسوكاري) لابنته الأخرى التي لا يتجاوز عمرها 12 عاماً
وسبق له كذلك أن أشترى منزلاً في بالم بيتش من الملياردير الأمريكي دونالد ترامب
مقابل 100 مليون دولار , كما اشترى لإبنته شقة في مدينة نيويورك
لا تزيد مساحتها عن 626متر مربع مقابل قرابة 90 مليون دولار !

هذا الرجل الذي زادت ثروته بمقدار ثلاثة أضعاف
مابين عاميّ 2009 و2011 حتى بلغت أكثر من 9 بليون دولار
ليس الأكثر ثراءً في بلده فهو يحتل المرتبة الـ13من بين أثرياء روسيا لوحدها
وبالكاد يدخل في قائمة أثرى 100 رجل أعمال حول العالم (المركز 93 في 2011)
لكن الفارق بينه وبين الكثير من الأثرياء الذين يمتلكون أندية لكرة القدم في أوروبا
أنه مستعد للإنفاق بجنون ليجعل من موناكو بطلاً لفرنسا ولأوروبا بعد ذلك !

لكن هناك عقبة يبدو أنها ستكون عائقاً في طريق طموحات الملياردير الروسي
فخلال سنوات مضت تعالت الأصوات داخل كرة القدم الفرنسية
معترضة على كون موناكو يستغل قوانين الإمارة التي تعفي مواطنيها والمقيمين فيها
من أيّ إلتزامات ضريبية على الدخل في حين أن بقية أندية الدوري الفرنسي
تدفع ضرائب مرتفعة مقابل رواتب لاعبيها ( تصل إلى 40 أو 45% )
وهو ما يمنح موناكو أفضلية في التعاقد مع كثير من اللاعبين
الذين يحصلون على أجور مرتفعة خالية من الضرائب
ولنضرب مثالاً على ذلك فإن زلاتان إبراهيموفيتش ليحصل على راتب
14 مليون يورو صافية من الضرائب يكون على باريس سان جيرمان
أن يدفع ما يقارب 5 ملايين ونصف على شكل ضرائب
في حين أن موناكو لو تعاقد مع نفس اللاعب وبنفس المرتب
سيكون معفيّاً من دفع مبالغ إضافية كهذه

الإتحاد الفرنسي لكرة القدم لم يُعارض تمتع موناكو بهذه الميزة
ولكنه مؤخراً وتحت ضغط من بقية الأندية أعلن أنه لن يسمح لموناكو
من المشاركة في دوري الدرجة الأولى الموسم المقبل
إلا في حال قام بنقل مقر النادي إلى داخل الأراضي الفرنسية
وهو ما يجعله داخلاً ضمن قانون الضرائب الفرنسي
وحدد تاريخ الـ21 من مارس الماضي كموعد نهائي لإنتقال الفريق إلى مقره الجديد

وبعد إجتماع جرى بين الروسي ريبولوفليف ونويل لوجراي رئيس الإتحاد الفرنسي لكرة القدم
تم الإتفاق على دفع النادي الثري لمبلغ 200 مليون يورو كغرامة مقابل الإبقاء
على مقره النادي داخل حدود إمارة موناكو وتمتعه بالإعفاء الضريبي الذي يبدو
أنه لا ينوي التخلي عنه بأي شكل من الأشكال , ولكن الثري الروسي قرر رفع قضية
لمحاولة الإفلات من الخيارين التي حددهما الإتحاد الفرنسي (الإنتقال أو غرامة الـ200 مليون)
رغم أنه يبدو مستعداً لدفع هذا المبلغ الضخم الذي لن يعيقه عن مواصلة مشروعه

الأمر المؤكد , أن هذا الروسي الثري ينوي صُنع فريق كبير ينافس به محلياً وأوروبياً
وتتردد في الصحف الأوروبية هذه الأيام أن إيسكو و فيكتور فالديز وفرانك لامبارد ويوهان كاباي
بالإضافة للمدرب الإيطالي روبرتو مانشيني هم الركائز الأساسية لمشروع موناكو الجديد

ومقابل صفقات ضخمة ستغري الأندية بالبيع بالإضافة للإعفاء الضريبي وميزة العيش المُترف
في إمارة كـ موناكو , فإن كثيراً من اللاعبين سيعتبرون الإنتقال لموناكو
تجربة رياضية ومادية تستحق التضحية لأجلها

وختاماً لا أملك الكثير من التأكيدات حول مدى نجاح أو ضخامة مشروع موناكو الروسيّ
لكن الحديث المتزايد حول هذا الفريق يجعل الكثيرين قلقين بشأنه
ويمكن القول أننا خلال الصيف القادم سنعرف حجم الجنون الذي سينفق من خلاله ريبولوفليف
ليحوّل موناكو من فريق فرنسي عادي إلى غول روسي جديد !