الثلاثاء، 12 أغسطس 2014

إيمري تشان .. ورقة رودجرز التكتيكية




لا تزال الغصة عالقة في حلق برندان رودجرز و في حلق كل مشجع لليفربول على ضياع لقب البريمرليج الذي تسرب من بين يدي الفريق الأحمر في الجولات الأخيرة من عمر الدوري الإنجليزي الممتاز ولو سألت أبسط مشجع لليفربول عن سبب ضياع حلم الفوز باللقب المنشود لقال لك الدفاع ثم الدفاع , حيث لم يشتكِ ليفربول من ضعف هجومه بل كان هو السبب الأول في المنافسة على ذلك اللقب في حين أن سوء الأداء الدفاعي للفريق كان سبباً في فقدان نقاط ثمينة منحت مانشستر سيتي لقب الدوري , ومع رحيل لويس سواريز عن الأنفيلد لن تكون مهمة تعويضه هي المهمة الوحيدة التي تنتظر رودرجز في الموسم الجديد فهناك مهمة لا تقل أهمية حيث يتوجّب عليه أن يُصلح عيوب فريقه الدفاعية وأن يمنح الفريق صلابة دفاعية تُعينه على المنافسة مجدداً على لقب الدوري و تجعله قادراً على مجابهة أقوى خطوط الهجوم في أوروبا حين يشارك الفريق بعد غياب في دوري أبطال أوروبا





ليفربول الذي تلقت شباكه 50 هدفاً في 38 مباراة بريمرليج الموسم الماضي أتمّ حتى الآن التعاقد مع الكراوتي ديجان لوفرين و الإسباني خافيير مانكيّو ويبدو على الطريق الصحيح كذلك للتعاقد مع الإسباني الآخر ألبرت مورينو ما يعني أن 3 من أصل رباعي الدفاع للفريق الأحمر في الموسم الجديد سيكونون لاعبين جدد , لكن ذلك لا يكفي عند رودرجز لأن جزءاً من مشاكل الفريق الدفاعية كان سببه المبالغة في الهجوم على حساب الدفاع و تقول الكثير من الأصوات المتعقلة في ليفربول أن تقوية الدفاع ولو كان على حساب تراجع أرقام الفريق الهجومية سيكون أكثر نفعاً للفريق لأن استقبال أهداف أقلّ يغنيك عن الحاجة لتسجيل 100 هدف أو أكثر طوال مسيرتك في الدوري فغالباً ما كان الدوري يذهب للفريق الأقوى دفاعاً لا الأقوى هجوماً





و في الموسم الماضي كان ستيفن جيرارد يقوم بمعظم المهام الدفاعية للاعبي الوسط مانحاً هندرسون و كوتينيو والبقية مساحة للدعم الهجومي لكن ذلك أضر بالفريق في مواقف متعددة ولذلك كانت مهمة تعزيز الدفاع من خلال تقوية خط الوسط خياراً لا يمكن الاستغناء عنه بالنسبة لبرندان رودرجز ,الألماني من أصل تركي ذو العشرين عاماً إيمري تشان كان الخيار المنشود ليكون الشريك المنتظر لستيفن جيرارد في وسط ملعب الريدز , حيث يبحث رودجرز من خلاله عن لاعب أكثر ميلاً للدفاع و الإلتزام التكتيكي من بقية لاعبي الوسط المتوفرين لديه , و من المهم للاعب مثل جيرارد يقوم بصناعة و تنظيم اللعب من الخلف أن يجد له شريكاً يزيل عن بعض الأعباء الدفاعية و يخلصه من الضغط الذي يمارسه عليه بعض مدربي الأندية المقابلة , و في الحاشية ستجد مقالاً كنت قد كتبته يحكي معاناة تشابي ألونسو في التغطية الدفاعية بسبب افتقاده للاعب الدفاعي المُساند وهو العيب الذي ظهر بعد إصابة سامي خضيرة والذي كان شريكاً مهماً لألونسو خلال المواسم الماضية وهي الحالة التي تشبه حالة جيرارد الذي يبحث رودرجز من خلال إيمري تشان عن إيجاد الشريك المثالي له في خط الوسط





مباراة ليفربول أمام بروسيا دورتموند الودية كانت اختباراً هاماً لثنائية جيرارد – تشان لسببين رئيسيين , الأول أنها آخر بروفة للفريق قبل انطلاق البريمرليج الأسبوع المقبل والثاني أنها تأتي أمام فريق قوي ومعروف بقدرته العالية على ممارسة الضغط المكثف على الفريق المقابل وحرمانه من بناء اللعب من الخلف دون معاناة ولذلك اخترت بعضاً من اللقطات من هذه المباراة للتدليل على نوع الشراكة المنتظرة بين جيرارد و تشان خلال الموسم الذي يوشك على الإنطلاق
 

الفكرة التي اتضحت في هذه المباراة أن رودرجز يريد اللعب بـ4-3-3 مشابهة لطريقته خلال الموسم الماضي مع فارق مهم وهو أن هذه الطريقة يمكن لها أن تتحول تلقائياً لـ4-2-3-1 بالاعتماد على تحرك جوردان هندرسون من عمق الملعب إلى الجناح الأيمن يقابل ذلك دخول إيمري تشان أكثر لعمق الملعب ليكون لاعب الإرتكاز الثاني إلى جانب ستيفن جيرارد , هذه المرونة في التحول من شكل إلى شكل آخر ستتضح مع مرور الوقت لكن السؤال الذي يجب أن نطرحه الآن : ماهي الأدوار التي يقوم بها تشان لمساعدة الفريق و لمساعدة جيرارد بشكل خاص ؟






تشان يمكن له أن يكون ضلعاً أساسياً في خط الوسط الثلاثي الذي يتكون منه ومن جيرارد وهندرسون , ففي ليفركوزن لعب تشان كثيراُ ضمن خط وسط مكون من 3 لاعبين حيث يمكن له اللعب كلاعب دفاعي أخير في موقع جيرارد أو بشكل متقدم قليلاً في نفس موقعه الظاهر في هذه الصورة , ومن المهم لأجل مرونة التحول من طريقة لأخرى أن يكون تشان قادراً على اللعب وفق الطريقتين بنفس الجودة





بينما في حالة التحول لـ4-2-3-1 تشان يملك القدرة على التراجع ليكون معاوناً لجيرارد ولتغطية المساحات خلفه كما تُظهر الصورة حيث يمكن له مراقبة تحركات لاعبي الفريق المنافس التي تستهدف المساحة خلف جيرارد والذي بحكم تقدمه في العمر لم يعد قادراً على تغطية الجزء الدفاعي بالكامل , والذي يعوض كذلك تأخر هندرسون في العودة خاصة في حالة الكرات المرتدة التي يكون فيها عدد كبير من عناصر ليفربول في حالة هجومية





وفي نفس التنظيم , 4-2-3-1 يمكن كذلك لجيرارد أن يتقدم أكثر للضغط أو لمراقبة لاعب منافس دون الخوف من المساحات الفارغة التي سيتركها خلفه حيث يُظهر تشان نوعاً من التناغم في الحركة مع جيرارد بحيث لا يتقدمان سوياً و يحرص كل منهما على تغطية المساحات التي يتركها اللاعب الآخر وسيكون الضغط العالي سلاحاً مهما لليفربول هذا الموسم ولذلك وجب على رودجرز أن يؤمن دفاعه في حالة ممارسة ضغط كهذا





موقف آخر يظهر فيه جيرارد متقدماً عن موقعه الدفاعي المعتاد حيث يميل للضغط على المنافس عبر الجهة اليمنى و نلاحظ أن تشان يقرأ تحركات جيرارد و بقية لاعبي الوسط و يعمل سريعاً على التحرك نحو المساحة المستهدفة والتي من الممكن أن يسعى المنافس لتفريغها واستغلال وصول الكرة إليها , و في كرة القدم الحديثة أصبح الحصول على مساحة فارغة أكثر صعوبة من السابق ولذلك تميل كثير من الفرق لاستدراج المنافس للطرف لتفريغ مساحة في العمق أو العكس كما في هذه الحالة و التي يمكن تجنب الوقوع في فخها عبر توفر لاعبين يملكون القدرة على قراءة مثل هذه الكرات بشكل مبكر





أحد أهم الحلول التي يبحث عنها رودجرز في إيمري تشان هي القدرة على مساعدة جيرارد في بناء و تحضير اللعب من الخلف , و كما تظهر الصورة نجد أن تشان يعود للخلف ليكون قريباً من جيرارد سواءً لاستلام الكرات من الدفاع عوضاً عنه أو ليكون أقرب اللاعبين إلى جيرارد لحظة حصوله على الكرة مانحاً جيرارد خيار تمرير قريب و آمن في خط المنتصف





وفي حال مارس المنافس ضغطاً على جيرارد , يمكن لتشان أن يكون الخيار البديل لصناعة اللعب من الخلف , ومن المتوقع أن تمارس الكثير من الأندية الضغط على جيرارد عبر مهاجميها لمنعه من حرية بناء اللعب كما يفعل عادةُ وهي الطريقة التي استخدمها دورتموند مع تشابي ألونسو أو بايرن ميونخ مع سيرجيو بوسكيتس والتي تظهر هنا من خلال ضغط أدريان راموس مهاجم دورتموند على جيرارد ولذلك من المهم توفر حلّ بديل مثل تشان لأي فريق يعتمد بشكل رئيسي على الخروج بالكرة من مناطقه بنفس الطريقة التي يستخدمها ليفربول






في حالات أخرى ستجد أن جيرارد يعمل على سحب اللاعبين الذين يقومون بمراقبته لطرف الملعب كما في هذه الصورة حيث كان اللاعبان اللذان يشار إليهما بالعلامة الحمراء يحاصران جيرارد من العمق وصولاً لطرف الملعب وهو ما فرغ مساحة في الوسط عمل تشان على استغلالها و طلب الكرة فيها , و كما ظهر في أكثر من موقف أن تشان يعمل على تغطية جيرارد نجد أن جيرارد نفسه يعمل على خلق مساحات لتشان الذي ستجد أنه دائماً يتحرك وفق تحرك جيرارد و وفق المساحات التي يخلقها أو يتركها جيرارد خلفه


هذه أبرز المواقف التي لاحظتها خلال شوط واحد لعب فيه جيرارد و تشان سوياً و بالطبع علينا أن نسأل سؤالاً هاماً , هل يحتاج رودجرز إيمري تشان في كل المباريات ؟ وهل الأدوار التي يقوم بها تشان مطلوبة باستمرار ؟

يمكن للجواب أن يكون "نعم" من حيث الاستمرارية و الثبات على تشكيلة معينة حيث من الممكن أن نشاهد تشان أساسياً باستمرار لكنه ليحقق هذا الهدف عليه أن يظهر أدواراً هجومية خاصة أمام الأندية من مستوى متوسط و يمكن لتشان أن يتطور ليكون لاعب وسط من نوع Box to Box خاصة إذا ما استمر رودرجز على طريقة 4-2-3-1 , وكذلك إذا ما لعب رودجرز بالإسبانيين الشابين مانكيّو و مورينو في مركزيّ الظهير سيكون وجود تشان مهماً لمساعدة جيرارد على تغطية تقدمهما في معظم المباريات وفي حال لم يكن أساسياً بانتظام يمكن لتشان أن يكون ورقة تكتيكية هامة لرودرجز للمباريات الكبيرة التي يحرص فيها ليفربول على عدم تلقي أهداف لاسيما في دوري أبطال أوروبا حيث سيكون الحرص الدفاعي عند رودجرز أمراً مقدماً على الأداء الهجومي , وباعتقادي أن ليفربول كسب لاعباً تكتيكياً هاماً يشبه إلى حد كبير الدور الذي يقوم به الألماني الآخر سامي خضيرة والذي يحتاجه معظم المدربين , لكن صغر سن تشان قد لا يجعله قادراً على الوصول إلى درجة تقارب الكمال في الأداء الكروي منذ موسمه الأول والذي بلا شك سيكون صفقة هامة لمستقبل ليفربول .

----------------------


مقالات تهمك


برندان رودجرز .. تخلى عن أحلامه ليحقق أحلامهم


كارلو أنشيلوتي و تشابي ألونسو .. أيهما كلف الآخر ما لا يطيق؟


رابط يوتيوب للشوط الأول من مباراة ليفربول و بروسيا دورتموند