الخميس، 23 مايو 2013

ريال مورينيو (2) نمط تكتيكي




قد تحب مورينيو أو تكرهه
لكنك غالباً لن تختلف مع أحد في كونه واحداً
من أذكى المدربين وأكثرهم دهاءً تكتيكياً

لمسة مورينيو التكتيكية كانت في نظر الكثيرين
أشبه بأسطورة الملك ميداس الذي يُحوّل كل ما تلمسه يده ذهباً
ففي بورتو وتشيلسي وبشكل أكثر وضوحاً في الإنتر
كان عمل مورينيو التكتيكي هو العامل الأول
في نجاحات تلك الأندية مع الداهية البرتغالي

وفي حين أن صنفاً من المدربين مثل أريجو ساكي
أو حتى فيسنتي ديل بوسكي و بيب جوارديولا
يعتمدون على أسلوب اللعب أو العقلية الثابتة للفريق
فإن مدرسة مورينيو مختلفة بشكل تام
وذلك لأنه من المدربين الذين يلعبون كل مباراة على حدة
حسب ظروفها وحسب طبيعة الفريق المقابل

ودون الإغراق في سرد الأمثلة
يمكن الحديث عن تجربته مع الإنتر كأنموذج لما نتحدث عنه
ففي الإنتر كان مورينيو يخلق تنوعاً في تكتيكه
فمرة يلعب بـ4-3-3 ومرة 4-4-2 بثلاثة لاعبي إرتكاز
وغيرها من طرق اللعب المتفرعة من هذين النموذجين
ويبقى أسلوب اللعب الحذر وعدم المبالغة في الهجوم
هي السمات الطاغية على نهج مورينيو الفني

في ريال مدريد كان الأمر مختلفاً بالنسبة لمورينيو
ومنذ أيامه الأولى في مدريد لم يتردد مورينيو في أن يقول
(ريال مدريد لديه أهداف وتقاليد ويحب الكرة الهجومية ولديه نوعية محددة من كرة القدم)
وفي هذا التصريح لمورينيو الكثير من التفسيرات
لما أعتقد أنه كان أحد الأسباب في إخفاقات الفريق بعد ذلك

في الموسم الأول لجوزيه مورينيو في مدريد
كان الفريق أقرب إلى عقلية مورينيو من بقية المواسم
وهي فكرة غريبة قياساً لكون مورينيو بنفسه
دائماً ما يقول أن الفريق في الموسم الثاني على الأقل
يكون قد تشرّب تكتيكه وبات أكثر قدرة على ترجمة أفكاره

واقعياً مورينيو أخضع ريال مدريد لأفكاره في أول مواسمه
وهناك شاهدنا كرة قدم دفاعية تميل لأفكار مورينيو المعتادة
كما حدث في نهائي كأس ملك إسبانيا
حين لعب مورينيو بـ بيبي كلاعب إرتكاز ثالث على حساب بنزيما
ليلعب الفريق في الخلف ودون مهاجم حقيقي
لكنه في النهاية حقق الفوز وقدم مباراة تكتيكية عظيمة

مباراة برشلونة كانت مجرد نموذج
لكن هناك الكثير من المباريات في الموسم الأول
 التي لعب فيها ريال مدريد بأفكار مورينيو التقليدية
لكن ذلك لم يناسب الصحافة ولا الجماهير
لأنها لا تحب أن تشاهد ريال مدريد يلعب كرة دفاعية
وهو أمر غير مقبول خاصة حين يتعلق الأمر
باللعب أمام برشلونة وتحديداً في سانتياغو بيرنابو

في الموسم الثاني قدّم مورينيو فكرة جديدة
تجعله قادراً على التعامل مع برشلونة
ولكن بطريقة أكثر شجاعة كما يسميها البعض
ترتكز على 4-2-3-1 تقليدية أساسها الضغط العالي
ومضايقة برشلونة في ملعبه عوضاً عن إنتظاره في الخلف
وهو الأسلوب الذي إستمر مورينيو في إستخدامه
كلما واجه برشلونة خلال الموسمين الثاني والثالث له في مدريد
فأصبح الفريق يعرف كيف يتعامل مع برشلونة
بعد أن كان عقدة ً لا يجيد فكّ رموزها

وفي 10 مواسم قضاها مورينيو مدرباً لعديد من الأندية
قبل أن يصل به المطاف إلى ريال مدريد
كان قد واجه برشلونة 10 مرات فقط مع تشيلسي والإنتر
في حين أنه في 3 مواسم فقط مع ريال مدريد
لعب مع برشلونة 17 مرة في 4 بطولات مختلفة
بواقع 5 مباريات على الأقل في الموسم أمام الفريق الكاتلوني

وكسجل بطولات فإن جميع الألقاب التي حققها مورينيو
مع ريال مدريد كانت تمر عبر بوابة برشلونة (1 دوري 1 كأس 1 سوبر)
في حين أن 5 من أصل 8 بطولات ضاعت على ريال مدريد في عهده
كانت أمام برشلونة (2 دوري 1 كأس 1 سوبر 1 دوري أبطال)
وبسبب هذه المحصلة الضخمة من الصدامات مع برشلونة
فإن مورينيو انساق دون أن يشعر , ليحول ريال مدريد
من فريق يلعب بأفكاره الخاصة إلى فريق مفصّل لمقاومة برشلونة
وهو ما أضر بريال مدريد في مواجهاته الأخرى

وفي إحصائية قدمها موقعيّ whoscored و transfermarkt
فإن ريال مدريد في جميع مبارياته الرسمية لهذا الموسم
لعب بطريقة لعب واحدة فقط (4-2-3-1)
وهي حالة غريبة جداً قياساً بفريق يدربه جوزيه مورينيو
( الإستثناء كانت مباراة مان سيتي 3-2 في سانتياغو بيرنابو)
في حين أن مان يونايتد وبروسيا دورتموند على سبيل المثال
استخدما 3 طرق (رئيسيّة) لعب على الأقل خلال الموسم

وإذا ما نظرنا إلى سجل ريال مدريد
خارج ملعبه في دوري أبطال أوروبا خلال آخر موسمين
نجد أنه حقق إنتصاراً على مان يونايتد المنقوص عددياً
في حين أنه عجز بشكل واضح عن الإنتصار
أمام بايرن ميونخ وبروسيا دورتموند ومان سيتي
وحتى أمام أندية أضعف من ذلك مثل سسكا موسكو وغلطة سراي

ريال مدريد إفتقد للخبث والحذر اللازم
الذي تحتاجه لتواجه كبار أوروبا في ملاعبهم
فكانت خسائره ذهاباً أمام بايرن ميونخ وبروسيا دورتموند
سبباً مباشراً في خروجه من نصف نهائي دوري أبطال أوروبا
لعامين متتاليين كان بإمكانه أن يكون بطلاً فيهما

ريال مدريد وللأسف يلعب أمام هذه الأندية
بصفته الفريق الأقوى والواجب عليه أن يفرض أسلوبه
مهما كانت طبيعة الخصم ومهما كانت صعوبة الملعب
وفي نظري أن ريال مورينيو كان يلعب بذكاء وحذر شديد
أمام خصم واحد فقط , وهو برشلونة !

السؤال الذي سيتبادر إلى الذهن بعد ذلك
لماذا ينجح أسلوب مورينيو مع برشلونة
ولا يكون بنفس الفاعلية أمام منافسين آخرين
والجواب بسيط جداً , ذلك لأن برشلونة هو الفريق الوحيد
الذي لا يغير أسلوبه مهما كان منافسه
ويلعب المباراة دائماً للهجوم ودون أي تحفظ
وبالتالي يمكن إعداد الفريق مسبقاً لمقاومة هذا الأسلوب
بينما مع منافسين آخرين نجد أنهم يفصّلون أسلوب لعبهم
ضد ريال مدريد وبالتالي يأخذ الريال واقعياً دور برشلونة
بينما فريق مثل دورتموند على سبيل المثال
يأخذ دور ريال مدريد هذه المرة !

ريال مدريد إفتقد للمرونة التكتيكية اللازمة
التي يحتاجها الريال كفريق والتي تعود عليها مورينيو كمدرب
ورغم أن الريال عمل على تحسين هذا الجانب
من خلال إنفاقه الصيف الماضي مبلغاً ضخماً للتعاقد مع لوكا مودريتش
إلا أن وجوده لم يستغل بشكل جيد
ولم يلعب كأساسي في مباراة هامة ومصيرية
إلا أمام دورتموند بسبب انضمام دي ماريا المتأخر للفريق

الخلاصة . .
أن صراع الكلاسيكو المكثف خلال السنوات الماضية
أضر بريال مدريد وبرشلونة دون أن يشعرا بذلك
فريال مدريد بات يعرف أسلوباً واحداً من اللعب
ينجح أمام برشلونة ويفشل أمام أقوياء أوروبا
وبرشلونة أصبح كتاباً مفتوحاً يمكن للكثيرين قراءته

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق