الاثنين، 20 مايو 2013

ريال مورينيو (1) ترتيبات داخلية





في صيف 2010 وقّع جوزيه مورينيو المتوّج حينها للتو بثلاثية تاريخية مع إنتر ميلان الإيطالي
عقداً مع ريال مدريد ليكون بموجبه المدرب العاشر لريال مدريد خلال 7 سنوات فقط !

فمنذ رحيل ديل بوسكي صيف 2003 وريال مدريد لا يلعب موسمين كاملين بنفس المدرب
ويعرف المدريديون جيداً ماذا تسببت به دوامة تغيير المدربين المتكررة خلال تلك الفترة
والتي صاحبها إستقرار في برشلونة (مدربين فقط في 9 سنوات)
ساهم في تقدم الفريق الكاتلوني بشكل واضح

وبعد موسم واحد مع بيلجريني كان مشروعاً بضخامة مشروع فلورنتينو بيريز
الذي أنفق عليه أكثر من 250 يورو في صيف واحد بحاجة لمدرب قوي ومحنك مثل مورينيو
يمكنه أن يملأ مقعد المدرب في سانتياغو بيرنابو لمدة أطول من بقية الجالسين عليه خلال السنين الماضية

ولهذا يمكن القول أن حسنة مورينيو الأولى بدأت بالفعل قبل أن يقود الفريق في أول حصة تدريبية
فبتواجده يمكن لريال مدريد مادياً ومعنوياً أن يرتبط مع مدرب واحد لفترة أطول من المعتاد
نظراً لصعوبة تقبل الجماهير والصحافة لإقالة مدرب بنجاحاته
أو إرتفاع كلفة الشرط الجزائي في حال رغب فلورنتينو بيريز في فكّ الإرتباط معه

وقياساً بتواجد 3 إدارات مختلفة في تلك الفترة ( فلورنتيو بيريز ثم رامون كالديرون ثم بيريز مرة أخرى)
وكل هذا العدد من المدربين سريعيّ التغيير كان ريال مدريد يسير نحو المجهول بشكل حقيقي
فلا وجود لإستراتيجية رياضية محددة للنادي , فمرة يتم التعاقد مع لاعبين كبار السن
ومرة يشتري الفريق لاعبين صغار بلا تجربة كافية , ومرة يتم التركيز على النجوم (الجالاكتيكوس)
ومرة تميل الكفة نحو هولندا ولاعبيها مع إهمال واضح لفريق الدرجات السنية (الكاستيا)

وبعد نجاح برشلونة كفريق ولاماسيا كمشروع ريال مدريد كان بحاجة
لمدرب خبير يضعه على الطريق الصحيح يؤسس له مشروع رياضي جديد
ويرتّب له عملية بناء فريق قادر على المنافسة لسنوات طويلة وهو ما ظهر في الصيف الأول لمورينيو في مدريد
فإذا نظرنا إلى تجربة مورينيو الناجحة مع الإنتر نجده يفضل إختيار لاعبين جاهزين ومتقدمين في العمر
مثل ميليتو , موتا , بانديف , إيتو و شنايدر , بينما كانت تعاقداته الأولى في مدريد
مع لاعبين أصغر سناً وأكثر قابلية للتطوير مثل كاناليس , بيدرو ليون , أوزيل , دي ماريا وسامي خضيرة

و يمكنني القول أن إستراتيجية بيريز ومورينيو وقتها لم تكن الإطاحة ببرشلونة في أسرع وقت ممكن
بقدر ما كانت تحضير فريق قادر على اللعب معاً لسنوات يمكنه أن يضاهي برشلونة في أهم وأقوى مميزاته
وهي الإستمرارية وتجانس الفريق !

وبغض النظر عمّا آلت إليه الأمور بعد ذلك فإن ريال مدريد للمرة الأولى تقريباً منذ زمن بعيد
يخوض 3 مواسم متتالية بنفس الفريق تقريباً وبلاعبين معظمهم الآن دون سن الـ28 عاماً
وهو تحسن مهم جداً قد لا يؤمن به الكثيرون الآن لكن فوائده ستظهر لاحقاً وستكون في ظنّي
هي السبب في نجاح أي مدرب سيخلف مورينيو في مدريد

نقطة إيجابية أخرى يمكن القول أنها من الخطوات الأولى التي قام بها مورينيو في ريال مدريد
ويمكن كذلك إعتبارها واحدة من الثمرات التي سيتركها مورينيو خلفه حين يرحل عن سانتياجو بيرنابو
و هي إلغاء منصب المدير الرياضي بشكله القديم والتقليدي
فخلال فترات رئاسة فلورنتينو بيريز كان خورخي فالدانو هو من يمثل هذا المنصب في ريال مدريد
وصحيح أن فالدانو كلاعب وكمدرب يملك خبرة رياضية واسعة تؤهله ليكون مديراً رياضياً
إلا أن تجربته مع الريال لم تكن مشجعة فعن طريقه عقد الفريق صفقات فاشلة كثيرة
وهو صاحب فكرة التعاقد مع كارلوس كيروش التي كانت بداية إنهيار فريق الجالاكتيكوس
بالإضافة إلى أنه خلال فترة فلورنتينو بيريز الأولى طارد النجوم وأهمل الدفاع فكان لدينا فريق يجمع المتناقضات
بسببه خسر الريال ألقاباً كثيرة ما كانت لتضيع لو توفر خلف تلك النجوم خط دفاع قوي

وبالنظر إلى تجربة فالدانو و الصربي مياتوفيتش فإن منصب المدير الرياضي في ريال مدريد
كان سبباً وراء الكثير من القرارات التي أضرت بالفريق وبفضل مورينيو تغيرت العقلية التي بقيت لسنوات
فسابقاً كانت القرارات الرياضية تتخذ من قبل الرئيس بالتشاور مع المدير الرياضي (فالدانو أو مياتوفيتش)
بينما المدرب هو الحلقة الأضعف في هذا المثلث ليقتصر دوره على تدريب اللاعبين و إختيار تشكيلة المباراة
هذا إن آمنّا أنه كان يضعها دون تدخلات من الرئيس أو المدير الرياضي

اليوم في مدريد , جوزيه مورينيو هو من يحدد مستقبل الفريق وهو من يقرر لوحده
هل النادي بحاجة لهذا اللاعب أو ذاك , ولكم أن تتخيلوا ماذا كان سيحصده ريال مدريد من ألقاب
لو أن الملايين التي دفعت للتعاقد مع ديفيد بيكهام في وقتها تم إستثمارها في شراء مدافع أو مدافعين كبيرين
عوضاً عن إقحام الإنجليزي الأشقر في خط وسط لا مكان له فيه

ومهما كان المدرب الذي سيخلف مورينيو فإنني أعتقد أن ريال مدريد قد ودع للأبد
فكرة المدير الرياضي وسيكون المدرب الجديد هو من يقرر إستراتيجيات الفريق
وغالباً فإن زين الدين زيدان سيكمل عمله كمستشار للنادي أو يمكنه أن يصبح كذلك
أكثر قرباً ليكون مساعداً للمدرب الجديد لتكون قرارات الريال الفنية البحتة صادرة ً
من قبل رجلين فنييّن أحدهما مدرب الفريق وهو مالم يكن يحدث في مدريد لسنوات طويلة مضت

اليوم , ريال مدريد يحتاج فقط لمسؤول تعاقدات يمكنه أن يقود المفاوضات
وينهي الإجراءات اللازمة لتوقيع اللاعبين وهي التجربة التي طبقها فابيو كابيلو
حين أحضر معه الإيطالي الآخر فرانكو بالديني والذي كان السبب المباشر
في توقيع هيجوين ومارسيلو وجاجو في شهر واحد بعد رحلة قام بها إلى أمريكا الجنوبية شتاء 2007

الخلاصة . .
أن ريال مدريد تحول مع مورينيو من فريق يُدار رياضياً من قبل الرئيس
إلى فريق يقوده ويديره مدرب كرة قدم مع وجود فريق واعد و متجانس
ورؤية رياضية مستقبلية واضحة للفريق
وبهذه الميّزات , وبوجود ميزانية ضخمة تسهّل إجراء تعاقدات جديدة
يمكن القول أن مورينيو سيترك لمن بعده فريقاً يمكنه النجاح سريعاً دون الحاجة
لإضاعة مواسم في البناء من الصفر أو إعادة ترتيب النادي من الداخل !


هناك تعليق واحد:

  1. اتفق معك يا استاذ نزار ، لكن هل ترى ان مدربين باحجام خواندي راموس و شوستر .. لم يكن لديهم الدعم المادي . يكون لديكم فرصه اكبر لو كانوا بعهد بيريز !

    ردحذف