الجمعة، 13 يونيو 2014

بالثقة تصنع مدرباً للمونديال !






في الثالث عشر من يونيو 2006 كان الأخوين نيكو و روبيرت كوفاتش ضمن صفوف المنتخب الكرواتي الذي خسر أمام البرازيل في مباراة كرواتيا الأولى في تلك البطولة وبعد ثمان سنوات كاملة عاد الأخوان مجدداً لمواجهة البرازيل ولكن من خارج الملعب حيث يتولى الأخ الأكبر نيكو مهمة تدريب المنتخب الكرواتي مستفيداً من مساعدة أخيه روبيرت الذي يصغره بعامين فقط , نيكو كوفاتش أنهى مسيرته كلاعب كرة قدم في العام 2009 مع نادي ريدبول سالزبورغ النمساوي وهناك تحول من لاعب إلى مدرب في أكاديمية النادي ثم تمت ترقيته ليصبح مدرباً مساعداً للفريق وكانت الخطوة التالية أن تتم ترقيته ليصبح مدرباً رئيسياً للفريق لكنه لم ينل الثقة وتم تفضيل مدرب آخر عليه وحتى تلك اللحظة لم يحصل على أي فرصة ليصبح المدرب الأول لأي فريق كرة قدم , الثقة التي لم يجدها نيكو في النمسا وجدها عند اتحاد كرة القدم في بلده كرواتيا حيث تم تعيينه مدرباً لمنتخب الشباب الذي كان يستهدف المشاركة في أولمبياد ريو دي جانيرو 2016وهناك انضم الشقيق الأصغر روبيرت لأخيه نيكو كمدرب مساعد , وبفضل النتائج الطيبة التي قدمها المنتخب الكرواتي الشاب و مع سوء نتائج المنتخب الأول في تصفيات كأس العالم تم اللجوء إلى نيكو و روبيرت لإنقاذ آمال الكروات في بلوغ المونديال وبالفعل تحققت المهمة بأداء جميل و مقنع من مدرب عمره التدريبي – كمدرب رئيسي – لم يكمل العام والنصف بعد !








و في بلجيكا كان مارك فيلموتس نجم المنتخب البلجيكي في مونديال 2002 , المونديال الذي غابت من بعده شمس الكرة البلجيكية عن المناسبات الرياضية الكبرى ككأس العالم وكأس الأمم الأوروبية , قد أنهى مسيرته في 2003 ثم اتجه مباشرة للتدريب لكنه أخفق وبشدة مع شالكة الألماني الذي دربه لثمان مباريات فقط أو مع فريق بليجيكي مغمور أقاله بعد 7 أشهر من تعيينه , إخفاقات فيلموتس وعدم ثقة الأندية البلجيكية في قدراته كمدرب جعلته يغيب عن المشهد الرياضي لأربع سنوات كاملة قبل أن يُمنح الثقة من قبل الإتحاد البلجيكي لكرة القدم الذي عيّنه كمدرب مساعد لجورج ليكنز مدرب الهلال السعودي السابق , وبعد إخفاق ليكنز في الصعود بالبلجيك ليورو 2012 تمت ترقية فيلموتس ليصبح مدرباً أولاً للمنتخب الوطني رغم تجاربه السابقة بالغة الفشل ورغم أنه لم يدرب أي فريق بصفة رئيسية منذ  أكثر من سبع سنوات لكن تلك الثقة وجدت أهلاً لها حيث حقق المنتخب البلجيكي نتائج مذهلة مع فيلموتس الذي لم يُعد بلجيكا مجدداً لكأس العالم فحسب , بل جعلها أحد أهم المرشحين للعب دور الحصان الأسود في البطولة







بينما في كوريا الجنوبية يعتبر هونج ميونج بو رمزاً كبيراً لكرة القدم الكورية حيث شارك المدافع الصلب في أربع نسخ متتالية لكأس العالم انطلاقاً من مونديال 1990 حتى مونديال 2002 الذي كان فيه صاحب ركلة الترجيح الأخيرة أمام المنتخب الإسباني والذي اختير فيه كثالث أفضل لاعب في كأس العالم خلف الألماني أوليفر كان والبرازيلي رونالدو , ميونج بو اعتزل لعب كرة القدم في العام 2004 وبعد عام واحد من الراحة تم استدعاؤه ليكون مساعداً للمدرب الهولندي المعروف ديك أدفوكات  الذي كان مدرباً للمنتخب الكوري آنذاك وبعد رحيل أدفوكات تم تعيين الهولندي الآخر تيم بيرفيك كمدرب للمنتخب الكوري مع الإبقاء على ميونج بو كمدرب مساعد , الخطوة التالية التي كان ينتظرها ميونج بو أن يكون مدرباً رئيسياً لفريق ما , ولأن ثقة الإتحاد الكوري به كانت كبيرة تم تعيينه مدرباً لمنتخب الشباب ثم تمت ترقيته ليصبح مدرباً للمنتخب الأولمبي الذي فاز بالميدالية البرونزية في منافسات كرة القدم لدورة الألعاب الأولومبية التي أقيمت في لندن 2012 , ورغم نجاحاته تلك عاد مجدداً لدور المدرب المساعد في الدوري الروسي ولكن مع الهولندي الكبير جوس هيدينك الذي كان مدرباً لميونج بو وبقية جيل كرة القدم الكورية في 2002 وليتم بعد ذلك ترشيح ميونج بو ليصبح مدرباً للمنتخب الأول بعد إقالة تشوي كانج هي الذي أوصل المنتخب الكوري لمونديال 2014 .




القاسم المشترك في تجربة المدربين الثلاثة أنهم كانوا رموزاً كروية في بلدانهم لكنهم لم يحظوا بالثقة داخل الأندية المحلية ولم تساهم أندية البلد في صناعتهم كمدربين وهو تماماً ما يحدث لدينا في معظم البلدان العربية التي بسبب ضغوط الإعلام و سياسات الأندية قصيرة المدى تعتبر مهنة المدرب فيها تجربةً لا يرغب أي لاعب معتزل أن يخوضها لكن الفارق هنا أن الإتحاد المحلي هو من تبنّى هؤلاء الرموز و قرر الاستفادة من تجربتهم الغنية عبر مجال التدريب وذلك من خلال السماح لهم بالتطور كمساعدي مدربين أو عبر تدرجهم من المنتخبات السنيّة وصولاً للمنتخب الأول وللأسف فإن اتحاداتنا المحلية تتنصل من هذه المهمة وتفضل دائماً الاستعانة بالمدرب الجاهز رغم أن الحصول على مدرب وطني قادر على قيادة منتخب البلد يعتبر هدفاً مهماً لكل اتحاد محلي نظراً للقيمة التي يمثلها اللاعب السابق للجيل الحديث و لسهولة التواصل بينه وبين اللاعبين الذين يفكرون بنفس الطريقة و يعيشون في نفس البيئة و للعلم فإن 18 منتخباً من أصل 32 في كأس العالم 2014 ستلعب تحت قيادة مدرب من نفس البلد وهو ما يبين توجه المجتمع الرياضي الدولي للاستعانة بالمدربين المحليين لدرجة أن منتخبات آسيوية و أفريقية اعتادت اللعب تحت قيادة مدربين أجانب تحولت اليوم إلى فكرة المدرب الوطني كما هو حال غانا و نيجيريا و كوريا و أستراليا .



وعلى صعيد البلدان الكبرى في كرة القدم فإن البرازيل خاضت تجربة اللعب في كأس العالم 2010 مع دونجا قائد منتخب السامبا في مونديالي 94 و 98 دون أن يكون له أي خبرة تدريبية سابقة و بنفس السيناريو عينت ألمانيا يورغن كلينسمان هداف المنتخب في التسعينات ليكون مدرباً للمانشافت في مونديال 2006 الذي كان محطته الأولى كمدرب , وعلى صعيد المدربين المساعدين تعد التجربة الهولندية من التجارب الثرية حيث بدأ فرانك دي بور مدرب أياكس الذي أحرز الدوري في نسخه الأربع الأخيرة مشواره التدريبي كمساعد لفان مارفيك مدرب هولندا في مونديال 2010 واليوم هولندا تذهب للمونديال بقيادة الخبير لويس فان خال ولكن بمساعدة من عدد من النجوم السابقين مثل باتريك كلويفرت وداني بليند الذين يتم تأهيلهم للمستقبل ولذلك فإن صناعة مدرب محلي ناجح ليست بالمهمة الصعبة فمنتخبات الناشئين و الشباب و الأولمبي يمكن لها أن تكون فرصة لتبني بعض نجوم الكرة المحليين أو يمكن كذلك صقلهم مواهبهم عبر مزاملة المدربين الأجانب في المنتخب الأول عوضاً عن المساعد الأجنبي لأن ترك تلك المهمة للأندية كلفنا ضياع الكثير من الفرص للاستفادة من رموز اللعبة في سنوات مضت فهل تتحمل اتحادتنا المحلية مسؤوليتها وتعمل من الآن على صناعة مدربين مواطنين يكون أحدهم مدرباً للمنتخب في 2018 أو 2022 ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق