الأربعاء، 3 أبريل 2013

قراءة تكتيكية في مبارة بايرن ميونخ و يوفنتوس




كانت مباراة بايرن ميونخ ويوفنتوس
بالنسبة للكثيرين بمثابة وجبة كروية دسمة
كونها تجمع بين فريقين مختلفي الأسلوب
يعتمد كل منهما على طريقة لعب
تختلف بشكل كبير عن الطرف الآخر

وفي الوقت الذي باتت فيه طريقة 4-5-1
هي السائدة حول العالم باتت الأندية ذات الأسلوب المختلف
تمثل حالة تستحق الدراسة والتأمل
كما هو الحال مع برشلونة في السنوات الماضية
أو حتى نابولي ولو كان على نطاق أقل أهمية

كونتي منذ موسمين وهو يواصل صناعة يوفي جديد
يعتمد بشكل أساسي على طريقة 3-5-2 كلاسيكية
وهي طريقة واسعة الإنتشار في نهايات القرن الماضي
ولعل مواجهة فريقاً بقوة وتمكن بايرن ميونخ
كانت بمثابة المعيار الحقيقي لجودة هذا الاسلوب
أو لنكن أقل قسوة ونقول أنها كانت الفرصة المناسبة
لاكتشاف طريقة لعب مختلفة عن بقية الأندية
وهو ما ظهر جلياً في هذه المباراة التي أظهرت بوضوح
تفوق بايرن ميونخ فنياً وعناصرياً




( خريطة توضح الكرات التي استلمها ديفيد ألابا خلال المباراة
وداخل الدوائر الحمراء تظهر الكرات التي استلمها
في عمق ملعب يوفنتوس وهو ما سنعرف لاحقاً كيف حدث ذلك )



وقبل البداية في الحديث عن الأمور التكتيكية
علينا أن نتذكر أمراً غاية في الأهمية
وهو أن يوفنتوس مبتعد منذ سنوات عن دوري أبطال أوروبا
وإذا كان تاريخ النادي حافلاً في هذه البطولة
فإن معظم اللاعبين باستثناء بوفون وبيرلو
لم يخوضوا الكثير من المباريات الهامة في هذه البطولة
في المقابل نجد أن بايرن ميونخ
قد وصل لنهائي ذات المسابقة مرتين خلال المواسم الثلاث الأخيرة
وهو ما يجعل لاعبي بايرن أكثر تمرساً
على اللعب في مثل هذه الظروف وتحت هذه الضغوط

أمر آخر يستحق الإشارة إليه
وهو أن بايرن ميونخ أراح عدداً كبيراً من لاعبيه
حين واجه هامبورغ السبت الماضي في البوندسليجا
في حين أن يوفنتوس لعب بفريق أساسي
في نفس اليوم أمام الإنتر في سان سيرو
وعلى سبيل المثال نجد أن لاعباً في الـ33 مثل بيرلو
اضطر لخوض 4 مباريات خلال 12 يوماً فقط
اثنتان منها مع المنتخب الإيطالي و اثنتان مع يوفنتوس
وهو ما يفسر ولا يبرر حالة بيرلو التي ظهر بها

بايرن ميونخ في المجمل فريق يحب السيطرة على وسط  الميدان
وتقول الإحصائيات أنه أكثر الأندية الأوروبية
استحواذاً على الكرة في البطولات الأوروبية الخمس الكبرى
بمعدل استحواذ يصل إلى64% في المباراة
ولا يتفوق عليه في ذلك إلا برشلونة بنسبة 69%
لذلك كونتي كان يتوقع مباراة هجومية من قبل البافاريين
وهو ما جعله يفكر في تحويل طريقة لعبه إلى 5-3-2
بتراجع ظهيري الجنب بشكل أكثر وضوحاً
وهو ما جعله كذلك يفضل بيلوسو على أسامواه
الذي هو في الأصل لاعب وسط وليس لاعب ظهير




( خريطة توضح تمريرات أندريا بيرلو في الثلث الهجومي
تمريرتين صحيحتين فقط من أصل 9 , لماذا حدث ذلك ؟ )


وبالحديث عن الأظهرة يمكن القول أن ظهيري يوفنتوس
هما أحد أسرار تفوق هذا الفريق منذ موسمين
فـ بفضل حركتهما الدائمة من الخلف للأمام أو العكس
يوفران لليوفي خيار فتح الملعب ومنع المنافس
من حصر اللعب داخل نطاق ضيق في عمق الملعب
وغالباً نجد أن الأندية التي تواجه يوفنتوس
تفكر في إيقاف بيرلو قبل أي شيء آخر
لكن يوب هاينكس فكر بطريقة مختلفة تماماً
فعوضاً عن شلّ حركة بيرلو ومنعه من التمرير
حاول البافاريين أن يقلصوا خيارات بيرلو في التمرير
ويمثل ظهيري الجنب أحد أهم الحلول
التي يبدأ من خلالها بيرلو سيناريو هجمات اليوفي

بايرن ميونخ اعتمد طريقتين رئيسيتين
لتحويل نقطة قوة يوفنتوس في أظهرته إلى نقطة ضعف
و الجامع بين الفكرتين أن بايرن ميونخ
يملك لاعبين اثنين في كل طرف من أطراف الملعب ( ظهير وجناح )
في حين أن يوفنتوس يمتلك لاعب واحد فقط في كل طرف





الطريقة الأولى :

في حالة امتلاك البايرن للكرة ومحاولة بدء الهجوم
نجد أن ظهيري يوفنتوس يعودان للخلف
ليتحول الفريق إلى 5-3-2 حقيقية و واضحة
وعبر الضغط على الظهيرين باستخدام الجناحين ( مولر وريبيري)
وانشغال فيدال و ماركيزيو بتغطية قوس منطقة الجزاء
يكون لدى بايرن ميونخ لاعب طرف متحرر في كل جانب
وهو غالباً ما يكون لاعب الظهير ( لام أو ألابا )
وشاهدنا كيف أن ألابا في الهدف الأول
تقدم من الطرف الأيسر إلى عمق الملعب
ليسدد الكرة دون أدنى مضايقة


 


الطريقة الثانية :

وهي الأكثر وضوحاً واستخداماً في المباراة
ففي حال امتلاك يوفنتوس للكرة ومحاولته
بدء هجمة منظمة من الخلف نجد أن بيلوسو و ليشتنشتاينر
يتقدمان إلى خط المنتصف على أقل تقدير
وفي هذه الحالة يقوم ظهيري البايرن بالضغط عليهما
ما يجعل ريبيري و مولر ( روبين بعد ذلك )
متحررين من أي أدوار رقابية
فيشكلان مع صانع اللعب ( كروس أو مولر )
حالة من الضغط العالي تهدف إلى منع المدافعين
من إيصال الكرة إلى بيرلو أو بقية لاعبي الوسط
ولذلك شاهدنا اخطاء مدافعي يوفنتوس في التمرير
( كيليني 10 تمريرات خاطئة – بارزالي 3 – بونوتشي 13 )
وهي أرقام كبيرة لمدافعين يلعبون دون ضغط


ماذا كان يجب على كونتي أن يفعل ؟



(جدول يقارن أرقام بيرلو في دوري أبطال أوروبا
الأرقام داخل اللون الوردي تمثل الرقم الأسوأ )


بشكل واضح بايرن ميونخ جعل  يوفنتوس
لا يخرج من وسط ملعبه إلا بمعاناة شديدة
فكان أمام كونتي ثلاثة حلول عليه أن يختار أحدها
أولا ً أن يغير من طريقة اللعب فيتحول
إلى 4-3-3 أو ما يشابهها , المهم أن يكون لديه
لاعبي طرف على كل جانب مثل البايرن
ثانياً أن يحول طريقة اللعب إلى 3-4-3
بحيث يكتفي بلاعبين اثنين من بين الثلاثي بيرلو-فيدال-ماركيزيو
ويعوض ذلك بخط هجوم يتكون من رأس حربة
وجناحين يضغطان على ظهيري البايرن في مناطقهما
لكن ذلك لم يحدث لأن كونتي في الأساس
لا يملك لاعبي أجنحة منذ قرر الصيف الماضي
التخلي عن كراسيتش , إيليا و إيستيجاريبيا
ثالثاً استخدام فيدال أو ماركيزيو للضغط على الجانبين دفاعاً وهجوماً
وتعويض ذلك بتراجع أحد المهاجمين للخلف
لكن ذلك ما كان ليكون قراراً ناجحاً
لأن المهاجمين ماتري وكوالياريلا لا يدافعان بشكل جيد

باختصار معظم حلول كونتي كانت غير قابلة للتطبيق على أرض الواقع
ولذلك لم يكن له تدخلات مؤثرة أثناء المباراة
وهنا علينا أن نتساءل كم عدد الأندية في الكالتشيو
التي تلعب بـ 4-5-1 حقيقية و مثالية
وتمتلك في نفس الوقت لاعبي جناح وأظهرة
قادرين على إزعاج يوفنتوس بهذا الشكل !



قد أكون أسهبت كثيراً في الحديث عن يوفنتوس
لكن بالمقابل كانت مباراةً مثالية لبايرن ميونخ
الذي تشعر أنه في كل مباراة من مباريات دوري الأبطال
يلعب بشكل واضح على نقاط ضعف منافسه
فهو لا يستحوذ على الكرة ثم ينتظر الفرج
عبر لمسة سحرية أو حالة تجلي من أحد نجومه
وإنما يعمل على ضرب منافسه بطريقة محددة
وعبر جميل تكتيكية متفق عليها قبل انطلاق المباراة

يحسب لـ هاينكس أنه يجيد قراءة منافسيه
ويحسب له كذلك أن فريقه لم يتأثر بغياب لاعب مهم
مثل خافي مارتينيز الموقوف بسبب تراكم البطاقات
كما أنه لم يتأثر كثيراً بعد خروج توني كروس الإضطراري
فكان تحويل مولر للعمق واستخدام روبين كجناح أيمن
قراراً قاد البايرن لمواصلة فرض سيطرته على المباراة



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق