الخميس، 4 أبريل 2013

قراءة تكتيكية لمباراة ريال مدريد وغلطة سراي




" نحترم ريال مدريد ولكن يجب ألا نهابه
و ألا نشعر بالضغط في الملعب . .
نحن في حاجة لأن نثق في أنفسنا  "
كان هذا ما قاله فاتح تيريم مدرب غلطة سراي
قبيل مواجهة فريقه مع ريال مدريد
ويمكن لهذه الكلمات المقتضبة أن تفسر كثيراً
مما آلت إليه نتيجة المباراة هذه الليلة

ففي الليجا ريال مدريد وجد المعاناة
أمام أندية مثل ريال بيتيس وغرناطة وسيلتا فيجو
ذلك لأنها تلعب بأسلوب دفاعي محكم
مفضلة انتظار الريال في مناطقها عوضاً عن مبادلته الهجوم
ولهذا فإن ريال مدريد في المجمل لا يحبذ
اللعب أمام منافسين يتبعون نفس الطريقة
في حين أن فكرة الهجوم المتبادل التي دخل بها
غلطة سراي هذه المباراة كانت ما يريده الريال
فكانت النتيجة قاسية على الأتراك



( خريطة حرارية لتحركات كريم بنزيما ويظهر تمركزه على اليسار
على الرغم من كونه قلب هجوم , لاحقاً سنعرف سبب ذلك )


فاتح تيريم لم يقرر أن يهاجم ريال مدريد
ولكنه لم يغير من شكل فريقه خوفاً من الريال
ومن تابع أداء الأندية التي دربها هذا المدرب الخبير
يكتشف أن الشجاعة الهجومية
وثقافة اللعب المتبادل هي السمة الأبرز في نهجه التدريبي

تيريم لعب فقط كما تعود أن يلعب دائماً
ففي مباراتي ثمن النهائي أمام شالكه الألماني
لعب غلطة سراي بنفس الطريقة تماماً
دروجبا ويلماز معاً في خط الهجوم
ومن خلفهم رباعي وسط يقوده شنايدر
وتلك الطريقة لم تكن لاحتواء الثنائي دروجبا وشنايدر
ومنحهما مكاناً أساسياً في التشكيلة
وإنما كانت الطريقة التي لعب بها غلطة سراي موسمه منذ البداية
حتى أنه حين واجه مان يونايتد مرتين
في دور المجموعات كان قد لعب أيضاً بـ4-4-2
بتواجد السويدي يوهان إلماندر مكان دروجبا
والمغربي نور الدين إمرابط مكان شنايدر


كيف تعامل مورينيو مع غلطة سراي ؟


( رسم توضيحي لتحركات أوزيل وبنزيما في ظهر لاعبي الوسط )


مباشرة بعد إعلان قرعة الدور ربع النهائي
توجه مورينيو إلى تركيا لحضور إحدى مباريات غلطة سراي
وهي عادة قديمة لمورينيو يهدف من خلالها
إلى دراسة الخصم بالعين المجردة من خلال المتابعة الميدانية
ويضاف إلى ذلك الكثير من التقارير الفنية
التي تصدر من قبل فريق عمله الخاص
والتي تكشف له عيوب ومكامن قوة منافسيه

وبشكل أكثر دقة كان على مورينيو
أن يتعامل مع نقطتين رئيسيتين للأتراك
الأولى , أن تواجد يلماز ودروجبا كماهجمي صندوق
من شأنه أن يزعج دفاع الريال ويجبرهم
على البقاء بالقرب من مرماهم
وهو ما سيجبر الفريق على اللعب بدفاع متأخر
كما أنه سيخلق فجوة كبيرة بين الدفاع والوسط
وهذا يؤدي إلى جعل تشابي ألونسو
مجبراً على تغطية هذا الفراغ المفاجئ
مما سيؤدي إلى تقلص أدواره الهجومية
وهي طريقة غير تقليدية في تعطيل ألونسو
عوضاً عن تفريغ لاعب معين للضغط عليه


كيف وجد مورينيو الحل ؟



( رسم توضيحي لمناطق تواجد سامي خضيرة
نلاحظ قلة تواجده الهجومي وتركيز تواجده في الخلف )


الحل كان في تغيير أدوار سامي خضيرة
وجعله الساتر الأول أمام لاعبي الدفاع
وكان من السهل ملاحظة أن الدولي الألماني
كان يتمركز مباشرة أمام راموس وفاران
لإلتقاط الكرة الثانية بعد أن ترتد من قبل المدافعين
عوضاً عن أدواره التقليدية كلاعب وسط
يربط الدفاع بالهجوم عبر التحرك العمودي
واختراق وسط المنافس من الخلف للأمام

وبفضل طوله الفارع كان خضيرة
أكثر قدرة من ألونسو أو أي لاعب وسط آخر
على المنافسة على الكرات الهوائية
مع دروجبا 189سم و يلماز 188 سم
والتي كان من الممكن أن تشكل مصدر خطر
تماماً كما كانت الكرات الهوائية
مصدر إزعاج لريال مدريد كلما واجه
مهاجمين طوال القامة مثل ماريو جوميز
أو حتى ليفاندوفسكي في مباراة دورتموند هذا الموسم

النقطة الثانية التي تعامل معها مورينيو
كانت في تواجد 3 لاعبي إرتكاز في الفريق التركي
وهو ما يصعب من عملية بناء الهجمة
فكان الحل عبر كريم بنزيما و مسعود أوزيل
اللذان كانا يتحركان في ظهر ألتينتوب وأنان
ليطلبا الكرة أمام لاعبي الدفاع مباشرة
ومن خلال هذا الدور يمكن أن نفهم بشكل واضح
لماذا فضل مورينيو بنزيما على هيجوين
كون الفرنسي أكثر قدرة على التمركز كجناح
ثم الدخول لعمق الملعب بشكل مباغت
كما أنه أكثر براعة في التحكم بالكرة في المناطق المزدحمة
وهو ما ظهر في تبادل الكرة السريع
بينه وبين أوزيل في كرة هدف المباراة الأول


كيف تعامل تيريم مع هذا الخلل ؟



( رسم توضيحي لتحول غلطة سراي إلى 5-3-2 )


لا شك أن فاتح تيريم مدرب محنك
وتقاس دائماً قدرات أي مدرب
عبر القرارات التي يتخذها أثناء المباراة
ولذلك تفطن المدرب التركي لهذا الخلل
فقام بالاستغناء عن ويسلي شنايدر
وأشرك مكانه لاعب دفاع محوري ثالث
ليتحول الفريق إلى تشكيل 5-3-2
وبتواجد 3 لاعبي دفاع محوريين
يمكن لإثنين منهما الضغط على أوزيل وبنزيما
ومنعهما من التقاط الكرات في ظهر لاعبي الوسط
وهو مالم يكن من الممكن تطبيقه بقلبي دفاع فقط
لكن هذا التغيير كلف تيريم خسارة معركة الوسط
فبتواجد لاعبي هجوم و5 مدافعين
يصعب على 3 لاعبي وسط فقط
أن يجاروا وسط فريق منافس يفوقهم بمراحل


كيف تعامل مورينيو مع تغيير فاتح تيريم ؟



( خريطة تمريرات ألونسو في الثلث الهجومي
ويظهر بوضوح أنها كانت عبارة عن كرات طويلة )


تواجد خضيرة في موقع متأخر
حرر ألونسو من العبئ الدفاعي
فكان مفتاح هجمات الريال خلال الشوط الثاني
عبر كرات طويلة ترسل إلى لاعبي الهجوم
وبالنظر إلى اضطرار الريال للعب بدفاع متأخر
وكون غلطة سراي أساساً يعتمد الدفاع المتأخر هو أيضاً
تشكلت مساحة كبيرة بين دفاع الفريقين
ويمكن القول أن حسن استغلال هذه المساحة
هو من جعل ريال مدريد يكسب المباراة
وبشكل أكثر وضوحاً خلال الشوط الثاني منها

ريال مدريد بفضل تمريرات ألونسو
أو حتى تلك التي تخرج من قلبي الدفاع
كان يحتاج فقط إلى تمريرة أو تمريرتين
ليصل بالكرة إلى مناطق تمكنه من التسجيل
في حين أن لاعبي وسط الفريق التركي
كانوا أقل قدرة على القيام بهذه الأدوار
فكانت الهجمة تمر عبر لاعبين كثر
قبل أن تنتهي إلى لاعبي خط الهجوم
ولو تمكن دي ماريا و بنزيما من استغلال تلك الكرات
لربما خرج الأتراك بنتيجة أثقل

هناك تعليق واحد:

  1. روعة يا رجل ما شاء الله، إستمر فنحن نتابعك

    ردحذف