الاثنين، 15 أبريل 2013

قراءة في دوري الفتح . . لقباً ونادياً واستحقاقاً




سقاكِ اللهُ يا أحساءُ عمّـا . . . سقيتِ قلوبنا فضلاً و مُنى
فرُبّ سُويعةٍ في شطّ نهرٍ . . . وخُضر النخل عن يُسرٍ ويُمنى
أنالتْ كلّ نفسٍ ما تشهّتْ . . . وأعطتْ كلّ قلبٍ ما تمنّى



18 عاماً مضت . .
ولقب الدوري السعودي لا يخرج عن 3 أندية
ومضت أعوام أكثر وكرة القدم في بلادي
ألقابها وأمجادها لا تخرج عن أندية الغرب والوسط

لم يكن شُحاً في المواهب
ولا عدماً في الأندية ,
ولكن عصر الكرة الحديث . . عصرُ مال
وبالمال يُشترى كل شيء
إلا القلوب العاشقة و الهمم العالية

لستُ أحسائياً . .
لكن لقب الفتح يبعث الأمل في كل البلاد
في كل المدن التي تلعب فيها كرة القدم
في كل زاوية , وفي كل حارة
ولا تملك أندية ثرية تمنحها فرصة بلوغ المجد

لستُ أحسائياً . .
لكن قصة الفتح ,
تستحق أن تدوّن في كتب التاريخ
وروايات الملاحم الكروية





قبل أن تنطلق أولى جولات دوري زين هذا الموسم
كان الفتح بعيداً كل البعد من أن يضع لنفسه هدفاً
يتمثل في تحقيق لقب الدوري أو حتى أن يرشحه غيره لذلك
فالفريق الذي أنهى الموسم الماضي في المركز السادس
لم يكن يملك على الورق المؤهلات التي يحتاجها أي فريق
ليطمع في لقب الدوري بشكل حقيقي

وفي عالم كرة القدم تتشكل المفاجآت عادة ً في بطولات الكأس
كون عنصر المفاجأة قد يحدث في مباراة أو اثنتين
تماماً كما بلغ برادفورد سيتي نهائي كأس الرابطة الإنجليزية
ولكن ذلك لا يحدث بنفس السهولة
في دوري طويل يتكون من 14 نادياً
عليك أن تواجه فيه كل منافسيك داخل وخارج ملعبك
وبالنظر إلى سجل ألقاب نادي الفتح نجد أنه لم يسبق له
الفوز بأي بطولة أو حتى بلوغ أي مباراة نهائية
ما يعني أنه فريق لم يتعوّد على ضغط المنافسة
ولم يتمرّس على لعب دور البطل
الذي يحسب له الجميع ألف حساب

السؤال الكبير هنا . .
كيف يمكن لفريق مثل الفتح أن يحقق لقب دوري
في ظل منافسة أندية تتفوق عليه مادياً وعناصرياً ؟

العنصر الأساسي في نجاح فريق مثل الفتح
هو العمل التراكمي الممتد لسنة بعد سنة
فعوضاً عن التغيير المستمر في المدربين أو اللاعبين
للبحث عن نتائج سريعة و فورية
كانت إدارة الفتح مؤمنة بأن الاستقرار يخلق بيئة ً للنجاح
ولذلك كان مدرب الفريق فتحي الجبال
حالة ً شاذة في بلدٍ تعوّدت فيه الأندية تغيير مدربيها
كما يغير الرجلُ ثوبه أو غترته !

الاستقرار , هو سر الفتح الذي يعرفه الجميع
فمدرب الفريق وإدارته وعدد من لاعبيه
كانوا معاً في دوري الدرجة الأولى قبل سنوات قليلة
وهنا تبدو الرواية عادية وتقليدية
كون دوري ( زين ) قد مر عليه الكثير من الصاعدين
الذين ما يلبثون أعواماً حتى يعودوا من حيث أتوا
لكن نجاح الفتح صُنع قبل إنجازه الكبير هذا الموسم
فكان نجاحه في تحوله من صاعدٍ مؤقت
إلى ضلع ثابت وحقيقي في دوري زين

يمتاز الفتح عن كثير من الأندية المناطقية
أنه يؤمن كثيراً بمواهب المنطقة الواعدة
سواء عبر مواهب النادي التي تتدرج في فئاته السنية
أو حتى عبر جلب لاعبين من أندية مجاورة
كصفقة انتقال لاعبه حسين المقهوي من نادي العدالة
والتي كانت رقمياً الأكبر بين أندية الأحساء
وباستثناء محترفه الأردني شادي أبو هشهش
طبق الفتح سياسة البناء المتراكم حتى مع لاعبيه الأجانب
فكان لا يوقع عقوداً قصيرة الأمد
ثقة ً منه في اختياراته ولعلمه المسبق
بأنه سيصبر وسيمنحهم الوقت حتى يتلمسوا طريق النجاح
ولذلك فإن إيلتون وسيسوكو ودوريس سالومو
يرتبطون بعقود مع الفريق إلى الموسم القادم
على أقل تقدير





فنياً , طبق الفتح في مسيرته خلال دوري زين
ما يطبقه كثير من الأندية في بطولات الكؤوس
وهو اللعب مباراة ً بمباراة ,
وهنا أعني التركيز الكامل والدراسة المستفيضة
للمنافس القادم مهما كان اسمه أو قيمته
ولذلك لاحظنا أن نتائج الفتح ومستوياته
أمام الأندية الكبيرة هي ذاتها مستوياته أمام أندية أقلّ

وأكاد أجزم أن فتحي الجبال
لم يكن يقوم بهذا العمل لوحده
فمن يشاهد استغلال الفتح لكل عيوب ونقاط ضعف منافسيه
يعلم أن هذا الرجل لديه فريق عمل متكامل
يعطيه قبل كل مباراة الخطوط العريضة
لكل مكامن القوة والضعف في الأندية المنافسة

وبالحديث عن فتحي الجبال
يمكنني القول أن لقب دوري زين لهذا الموسم
كانت نسبة تأثير المدرب فيه
تتجاوز النسب الأخرى مع الأبطال السابقين
ولا يقاس الأمر هنا بعدد النقاط ولا جودة المستوى
ولكن بالإمكانات المتوفرة لكل مدرب

فعناصر الشباب التي حققت اللقب مع ميشيل برودوم
أو تلك التي حققت لقب الدوري مع إيريك جيريتس
لا مجال للمقارنة بينها وبين عناصر الفتح
التي صنع منها فتحي الجبال بطلاً عن جدارة
 بكثير من الجهد وكثير من العمل التكتيكي
ولعنا هنا نستعرض ولو قليلاً من ذلك

الفتح يعتمد طريقة 4-5-1 كلاسيكية
كطريقة لعب رئيسية يتفرّع منها عدة طرق ثانوية
ولتنجح طريقة لعب مماثلة تحتاج دائماً
إلى لاعبين مؤثرين في المراكز المحورية في الفريق
ولذلك فإن الفتح كانت تعاقداته مع اللاعبين الأجانب
في مراكز تمثل محور الفريق (العمق) وعموده الأساسي
( قلب دفاع – محور – صانع لعب – رأس حربة )
ولا يختلف الكثيرون حول أن رباعي الفتح الأجنبي
هو الرباعي الأفضل في دوري زين لهذا الموسم
كما لا يختلفون أيضاً أن دور هذا الرباعي الأجنبي
كان كبيراً ومؤثراً في حسم لقب الفتح

نعود لطريقة اللعب . .
فتحي الجبال انطلق من هذه الطريقة
فكان ينوع خياراته خاصة في خط الوسط
بما يتلاءم مع طبيعة لعب الفريق المنافس
فتارة يستغني عن أحد لاعبي الجناح
ويعوضه بلاعب إرتكاز ثالث
وتارة يلعب بجناحين حقيقيين ورأس حربة
ويمكن القول أن لاعباً مثل حسين المقهوي
كان ورقة فتحي الجبال التكتيكية في الفريق
التي من خلالها كان يقوم بأدوار مزدوجة
تمنح الفريق القدرة على التحول
من حالة دفاعية إلى حالة هجومية
دون الحاجة إلى إجراء تبديل لاعب بلاعب

هذا اللاعب الشاب لديه القدرة الكافية
على التحول من جناح أيسر إلى عمق الملعب أو العكس
فنجده في كل المباريات يقوم بأدوار تكتيكية
تخدم الفريق وتمنح بقية زملائه
خاصة المدافعين , راحة أكبر ودعماً أفضل

وبالعودة للفريق . .
كان من الملفت ملاحظة أن الفتح في كل مباراة
يهتم جداً بأدق التفاصيل التكتيكية للفريق
سواء في الحالة الدفاعية أو الهجومية
ولا يترك مجالاً للصدفة أو الإجتهادات الفردية
وامتاز أداء الفتح لهذا الموسم بأنه كان مباشراً
معتمداً سياسة الوصول للمرى عبر أقصر الطرق
وأظهرت الإحصائيات في مراحل سابقة من الدوري
أن لاعبي الفتح هم أقل لاعبي الدوري
قياماً بعمليات المراوغة أمام لاعبي الخصم
كما أن نسبة الإستفادة من التسديد المباشر
كانت هي الأعلى أيضاً عند الفتح

يضاف إلى ذلك أن الفتح كان أكثر الأندية
استفادة من الضربات الثابتة
سواء كانت مخالفات مباشرة أو ضربات ركنية
ويعتبر مهاجمه دوريس سالومو
هو أكثر لاعبي الدوري تسجيلاً من ضربات الرأس

هذه الإحصائيات ليست مجرد أرقام
بل هي دلالة حقيقية أن دوري الفتح
لم يكن مصادفة ولا ضربة حظ أتت بها الظروف
ففي حال فوز الفتح في مباراتيه المتبقيتين
سيكون لديه أعلى رصيد نقاط
منذ أصبح الدوري يلعب بين 14 نادياً
كما أن معدل إحرازه للنقاط من أصل النقاط الممكنة
سيصل إلى نسبة 85% من المجموع الكلي
وهو أعلى معدل لفريق بطل منذ تحول الدوري
من نظام المربع الذهبي إلى نظام النقاط

علينا كذلك ألا ننسى ,
أن دوري زين مر هذا الموسم بمراحل توقف كثيرة
كان من الممكن أن تساهم في حرمان الفتح
من مواصلة رتمه الذي يتزايد جولة بعد جولة
كما أن جميع الأندية المنافسة له هذا الموسم
استغلت فترات التوقف وفترات التسجيل وسط الموسم
وقامت بتغيير مدربيها ( باستثناء الشباب )
وقامت بتغيير بعض لاعبيها الأجانب
لكن ذلك كله لم يسعفها لـ اللحاق بالنموذجي

الخلاصة . .
أن لقب الفتح لم يكن هدية ً منحته إياها
ظروف المنافسين أو سهولة البطولة

الفتح . .
بطل حقيقي توجته الأرقام والمستويات !




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق